تواصل «الرياض» في الجزء الثاني استعراضها لكتاب «إشكاليات السياسة القطرية .. نهاية مرحلة من العبث القطري بأمن الخليج» والذي أعده عدد من الأكاديميين والباحثين في مركز المزماة للدراسات والبحوث بدولة الإمارات العربية المتحدة. المملكة وقطر مفترق طرق تحت عنوان «العلاقات السعودية - القطرية.. إشكالية التشبيك الإقليمي، وأمن الخليج العربي» للكاتب والباحث الدكتور محمد خالد الشاكر جاء أن السياسات القطرية في التعاطي مع الحالة السورية أدت إلى تحول الصراع الإقليمي في سورية إلى صراع دولي، أصبحت تداعياته تهدد كامل المنطقة، وفي مقدمتها دول الخليج العربي، لاسيما مع تنامي الخلاف السعودي - القطري بشأن الحالة المصرية، في حين تصدر «الإسلام السياسي» -الذي دعمته قطر- واجهة المشهد المصري، كما تصدر «الإسلام السياسي» المتطرف، المشهد السوري، وهو ما اعتبرته المملكة العربية السعودية، تهديداً حاصلاً لأمنها وأمن الخليج العربي، ما أدى إلى تصاعد حدة الخلاف بين المملكة وقطر في عام 2014، الذي انتهي بسحب المملكة لسفيرها من الدوحة، قبل أن تتبعها الإمارات العربية المتحدة والبحرين، وذلك بعد أن أدركت المملكة خطورة السلوك السياسي القطري المنحرف الذي تجاوز في أدائه مسألة الخلافات الداخلية، وأصبح تهديداً فعلياً لأمن الخليج العربي، لاسيما بعد الزيارة التي قام بها وزير خارجية قطر إلى إيران في أواخر فبراير 2014. وبين الكتاب أن آليات التعاطي القطري مع الثورات العربية والتنسيق القطري مع إيران، دفعا المملكة نحو خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الخليجية، عندما أقدمت الدول الخليجية الرئيسية المملكة والإمارات والبحرين على سحب سفرائها من الدوحة بسبب فشل قطر في الإيفاء بتعهداتها التي قطعتها على نفسها خلال اجتماع الرياض عام 2013، المتضمن تنفيذ الاتفاقية الأمنية الخليجية عام 2012، التي تنص على امتناع جميع الأعضاء عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الموقعة على الاتفاق، وعدم دعم الجماعات الإرهابية التي تهدد الاستقرار الإقليمي، وهو ما لم يتحقق حتى مع وصول الأمير الجديد تميم بن حمد إلى الحكم في 25 يونيو 2014، الذي تعهد بالتركيز على الشؤون الداخلية والابتعاد عن السياسات التي لا تتفق مع دول الجوار، إلا أن قطر واصلت في الخفاء مع أميرها الجديد، دعم الجماعات المتشددة أينما حلت وارتحلت، وعلى هذا الأساس أعلنت المملكة العربية السعودية قراراً قضى بوضع حد لجميع الحركات السياسية المتطرفة، واعتبرتها منظمات إرهابية تهدد أمنها ونسيجها الثقافي والاجتماعي، وقد شمل القرار جماعة الإخوان المسلمين، والقاعدة، وحزب الله، وتنظيم داعش في العراق وسورية، وجبهة النصرة، التي تعمل في سورية، وجماعة الحوثيين في اليمن، وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، واليمن، والعراق، وشملت قائمة التنظيمات المحظورة كل تنظيم مشابه لهذه التنظيمات فكراً أو قولاً أو فعلاً، وكافة الجماعات والتيارات الواردة بقوائم مجلس الأمن الدولي والهيئات الدولية، وعرفت بالإرهاب وممارسة العنف. الانعزال القطري شكّل بوابة لإيران لنشر الخراب والفوضى في المنطقة الرهان الإيراني على قطر وأوضح الكتاب أن البراغماتية السياسية الإيرانية وجدت في الحالة القطرية فرصة للتنسيق والانفتاح السياسي والاقتصادي على الدوحة، الذي بدأ منذ الزيارة التي قام بها وزير خارجية قطر إلى إيران في أواخر فبراير 2014، وانتهاء بتوقيع الدوحة في 7 يوليو 2014، على اتفاقية إنشاء منطقة اقتصادية حرة مشتركة، اعتبرتها إيران تعزيزاً للتعاون مع قطر، لاسيما وأن الاتفاق سيمكن التجار الإيرانيين من إقامة مستودعات ومنشآت خاصة بمنتجاتهم على الأرضي القطرية، الأمر الذي يساعد الشعبين على التقارب والتعرف أكثر على بعضهما، مما يساعد إيران على تبديد المخاوف تجاهها وكسر الحاجز النفسي. لذلك جاء التوقيع القطري على اتفاقية إنشاء منطقة اقتصادية حرة مع إيران، في سياق الرؤية الإيرانية، في احتواء الخليج عن طريق القوة الناعمة التي بدأت مع تدهور العلاقات السعودية - القطرية، إذ جاءت الاتفاقية تتويجاً للعديد من الفعاليات والنشاطات الاقتصادية المتبادلة التي أوصلت التبادل التجاري بين إيرانوقطر إلى أكثر من 114 مليون دولار العام الماضي، واستوردت الدوحة ما قيمته 96.6 مليون دولار من المنتجات غير النفطية من طهران. ومازالت العلاقات القطريةالإيرانية تقوى وتتطور على حساب أمن منطقة دول الخليج العربي.