صدر حديثاً كتاب بعنوان "إشكاليات السياسة القطرية.. نهاية مرحلة من العبث القطري بأمن الخليج" أعده عدد من الأكاديميين والباحثين في مركز المزماة للدراسات والبحوث بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث رصد الكتاب سلسلة من الأحداث الأخيرة وسلط الضوء على جوانب من إشكاليات السياسة الخارجية لقطر، في ظل لحظة مكاشفة خليجية وعربية وعالمية واسعة قررت أن تضع حداً للعبث القطري الذي يخدم التطرف والإرهاب مالياً وإعلامياً، وتنطلق دراسات وأبحاث هذا الكتاب حديث الصدور من حقيقة اتجاه قطر نحو السير منفردة والتغريد خارج السرب الخليجي. دعم الجماعات الإرهابية يُسقط حديث قطر المزعوم عن الحق في استقلال سياستها وأكد الباحثون أن قطر ربطت مستقبلها وجندت أموالها وإعلامها وسياستها الخارجية لخدمة ودعم وتمويل وتوظيف تيارات التخريب والفوضي والإرهاب في الخليج والمنطقة العربية بشكل عام، وخلال ما يقرب من ثلاثة عقود التزم البيت الخليجي بالصبر تجاه قطر، وتم منحها أكثر من فرصة للتراجع عن سلوكها القائم على الازدواجية، من بينها فرصة في عام 2014، ثم في منتصف 2017، لكن الدوحة دأبت على الحضور في المحافل الخليجية بقناع رسمي مزيف، بينما كانت تظهر في الخفاء بوجه آخر ترتسم على ملامحه تقاطيع الحقد والتآمر والتقارب مع تيارات وجماعات الإرهاب التي تضمر الشر لوحدة وأمن واستقرار الخليج والعالم العربي. وكشف الكتاب إن أبرز ما يميز السياسة القطرية المسلحة بالأموال والإعلام هو أنها سياسة انتهازية وبعيدة عن أي سعي قانوني مشروع لتحقيق تميز واختلاف دبلوماسي قطري، بل إن السياسة القطرية اعتمدت نهج المراهنة على دعم المخططات الانقلابية التي تتبناها فروع ومجموعات تنظيم الإخوان المسلمين، إلى جانب دعم قطر لجماعات إرهابية أخرى، لذلك تسقط دعوى قطر وحديثها المزعوم عن الحق في استقلال سياستها وتحالفاتها وتبني سياسة خارجية وأدوات إعلامية، لأنها ظلت تستخدم كيانها الاعتباري من أجل أهداف بعيدة كل البعد عن أهداف الدول الملتزمة بالقوانين الدولية، وشكلت قطر بثروتها وحماقتها السياسية حاضنة رسمية للإرهاب وجماعاته بشكل علني وصارخ، وهذا ما جعل المحاسبة واجباً بعد أن طفح الكيل وانتهى الصبر في ظل تمادي قطر، حيث أنها قطر أنفقت 64 مليار دولار على الحركات والمنظمات الإرهابية. وأوضح الكتاب أن الإعلام القطري لجأ إلى استخدام خدعة السيادة والاستقلالية دفاعاً عن سياسة قطر الداعمة لجماعات التخريب والإرهاب، وحقيقة الأمر أن الأداء القطري على المستويات الإعلامية والدبلوماسية كان يصب في خدمة الإرهاب والتبرير له ومساعدة ذيوله وجماعاته على التمكين والسيطرة وبسط النفوذ لتحقيق أجندة مشبوهة تحت عنوان إحياء دولة الخلافة التي يسعى من أجلها تنظيم الإخوان المسلمين والأجنحة الإرهابية الأخرى المسلحة التي تتكامل معه في الأهداف والغايات. مظاهر دعم وتمويل قطر للإرهاب وكتب الدكتور الباحث سالم حميد في الفصل الثاني للكتاب تحت عنوان "مظاهر دعم وتمويل قطر للإرهاب" عن أن المال والإعلام القطري لعب أدواراً متعددة على أكثر من رقعة في الدول التي شهدت الاضطرابات منذ مطلع العام 2011 ، فحضرت قطر داعمة وبقوة للإخوان في مصر، كما حضر الدعم القطري المساند للإخوان في سورية وليبيا واليمن عبر ضخ الأموال بشكل مباشر إلى أيدي الإخوان، فأطلقوا قنوات فضائية وصحف ومواقع إلكترونية ومنظمات أهلية مساندة لتحركاتهم. كما وفرت الاضطرابات والحرب الدائرة في سورية فرصة للتدخل القطري المباشر لتمويل هذا الطرف أو ذاك، لكن الوضع في سورية متشابك وهناك أطراف عديدة تود التخلص من النظام السوري، فيما أتاحت الحالة الليبية بالتحديد حضوراً وتدخلاً طاغياً لقطر، بهدف دعم تيار الإخوان وتمكينه من الوصول إلى الحكم، والتغلب على التيارات الأخرى المنافسة له في استقطاب الشارع الليبي، بعد انهيار نظام الرئيس السابق القذافي، بمساعدة لوجستية قطرية مشهودة، عززها التدخل العسكري المباشر لحلف الناتو، حيث أن رئيس الوزراء الليبي الأسبق محمود جبريل قد اتهم قطر "برعاية مشروع إخواني تخريبي لإقامة دولة الخلافة الإسلامية في ليبيا التي وصفها ب"البقرة الحلوب" بالنسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين، واعتبر أن ما يحدث في ليبيا من تدعايات أمنية مستمرة هو مخطط دولي للسيطرة على أموال ليبيا ونفطها لتكون الممول الأكبر لمشروع الخلافة الإسلامية التي تسعى إلى تنفيذه جماعة الإخوان ومنظمات إرهابية أخرى". شواهد الدعم القطري في ليبيا ومن شواهد الدعم القطري المكثف والمبكر للإخوان كما ذكر الكتاب الجديد، ما أوردته صحيفة "الكريستيان ساينس مونيتور" الأميركية في تقرير لها، عادت فيه إلى العام الذي أطاح فيه الشيخ حمد بوالده من الحكم، وما تلاه من تأسيس لقناة الجزيرة، مروراً بمنح بعض رجال الدين السلفيين المتشددين الملاذ في قطر، إضافة إلى الأموال الوفيرة عبر البطاقات البنكية، بهدف أن يخاطب هؤلاء الدعاة ما يقرب من 1.5 مليار مسلم حول العالم، لديهم المنصة الإعلامية والأموال، ولكن هناك ثمن لذلك هو "الصمت" ويمكن لهؤلاء الحديث عن الأوضاع في الشرق الأوسط وإثارة الغضب في مصر وليبيا، مقابل أن تبقي تلك الثورات خارج حدود قطر. وأشارت الصحيفة الأميركية كذلك إلى أن السياسة الخارجية لقطر شهدت تغيراً كبيراً فيما يتعلق بالتعامل مع الثورة الليبية التي ساندتها قطر بالأموال والسلاح، حيث إن السيد مصطفي عبدالجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي صرح ذلك الحين بأن نجاح الثورة الليبية يعود بشكل كبير إلى قطر، وأشار عبدالجليل إلى أنها أنفقت ما يقرب من ملياري دولار، وأضاف قائلا: "لا يوجد أحد يسافر إلى قطر دون أن يعود بالأموال من الحكومة".