وسائل الاعلام حول العالم تنقسم إلى فريقين .. الأول حر ونزية ومستقل، والثاني مقيد ومنحاز وخاضع لسلطة الدولة.. المجموعة الأولى تنشر الأخبار والتقارير بطريقة متوازنة ومجردة وخالية من الميول والأهواء، والثانية مقيدة أو مؤدلجة أو رسمية منحازة لحكومة بلادها .. المجموعة الأولى حالة غالبة في الدول الديموقراطية المتقدمة، والثانية بلوى شائعة في دول العالم الثالث ومن ضمنها دولنا العربية... وحين نتأمل قناة الجزيرة (منذ انتقالها من لندن إلى الدوحة عام 1996) نجد أنها تنتمي إلى المجموعة الثانية بامتياز.. لم تكن في يوم من الأيام حرة أو نزيهة أو مستقلة أو محايدة في طرحها.. فتحت أبوابها لكافة الأهواء والإملاءات والأيدولوجيات المضرة بمحيطها العربي وعالمها الإسلامي وفي مقدمتهم الشعب القطري ذاته.. لا أدعي طبعا استقلالية وحيادية الأجهزة الإعلامية في بقية الدول العربية، ولكنها على الأقل منحازة لما يخدم مصالح شعبها .. كان يمكننا تفهم انحياز قناة الجزيرة لو كانت تعمل لصالح الشعب القطري (فهي في النهاية قناة تابعة للحكومة القطرية وتبث موادها من الدوحة) ولكنها للأسف عملت دائما ضد مصالح هذا الشعب الكريم .. لم يلم أحد هذه الأيام وسائل الاعلام القطرية المنشأ (من تلفزيون وصحف وراديو) في حربها الإعلامية وطريقة ردها على المطالب الخليجية، ولكن حين تتبنى الحكومة القطرية قناة مستوردة لا تمت بصلة للشعب القطري (لا من حيث الجنسية ولا من حيث الأيدلوجيا وطريقة التفكير) ثم تترك لها حرية تدمير علاقته ببقية الشعوب العربية فهذه بحق خيانة وجريمة يجب أن يحاسب عليها من أنشأ القناة وسمح لها بالاستمرار.. مجرد انتساب قناة الجزيرة للشعب القطري أضر به بطريقة مباشرة وغير مباشرة .. مجرد عملها كبوق للمنظمات الإرهابية (وكل خائن لأمته أو منشق على دولته) أساء لسمعته وقدمه للعالم كمجتمع راعي للإرهاب.. توجهات قناة الجزيرة المشبوهة تؤكدها الانذارات التي تتلقاها باستمرار من الدول الغربية بل ومنعها في أمريكا من البث عبر شبكة النت وشركات الكيبل.. فالدول الأوربية مثلا (رغم تمتعها بحرية إعلامية لا ينكرها أحد) تملك أنظمة وقوانين تمنع وسائل الاعلام من التحريض والترويج للأفكار والمواقف الإرهابية.. ولهذا السبب منعت شبكات الأقمار الأوروبية «إينتل سات» و«هات بيرد» و"يوتل سات" بث القنوات الإيرانية الرسمية والقنوات التابعة لها كقنوات "العالم" الناطقة بالعربية و"برس تي في" الناطقة بالإنكليزية و"هيسبان تي في" الناطقة بالأسبانية.. أنظمتها تمنع رسميا بث القنوات الدينية المحرضة وتضع قنوات متطرفة مثل المنار وكربلاء والميادين وسات7 ضمن قائمتها السوداء (رغم استمرارية بث بعضها عبر ترددات موازية).. وبناء على كل ما سبق أتساءل عن سبب استمرار قنوات الجزيرة على قمري عرب سات ونايل سات؟ عن جدوى بثها من الدوحة بعد كل هذه السلبيات التي انعكست على علاقة الشعب القطري بأشقائه العرب؟ عن نتائج ربط اسم "قطر" بقناة مشبوهة لا تخدم مصالح القطريين ولا مستقبل أبنائه مع العالمين العربي والدولي.. باختصار؛ قناة الجزيرة ليست مستقلة كي نحترم بقاءها، ولا تخدم مصالح الشعب القطري كي نتقبل وجودها...