جسر الملك سلمان الجسر (المزمع اقامته فوق جزيرتي صنافير وتيران) سيربط لأول مرة في التاريخ قارتي آسيا بأفريقيا .. لن يقل أهمية عن جسور اسطنبول التي تربط قارتي آسيا باوربا، وقناة بحر المانش التي تربط إنجلترا بأوربا، وقناة بنما التي تربط المحيطين الأطلسي بالهادي، وجسر أكاشي الذي يصل بين جزيرتي هونشو وشيكوكو اليابانية .. يعد أحد الأحلام العظيمة التي سيتم البدء بها بعد ثلاثة أعوام ولا يضاهيها سوى الحلم بانشاء جسر يربط روسيا بأمريكا (من خلال مضيق بيرنج) وآخر يربط أسبانيا بالمغرب (عبر مضيق جبل طارق) وجسر مشابه يربط اليمن بجيبوتي (عبر باب المندب) وجسر يربط بين جزيرتي جاوة وسومطرة في اندونيسيا. وأنا شخصيا لا أستبعد (بل أتوقع) تنفيذ كل هذه المشروعات مستقبلا.. صحيح أنها قد تتأخر أو تتأجل بسبب التكلفة وصعوبة التنفيذ ولكنها ستظهر في النهاية بفضل دافع انساني عميق يتجاوز كل عقبة ومضيق يفصله عن الطرف الآخر. وطالما ان المسألة ليست اكثر من (وقت وتمويل كاف) فلن ينتهي القرن الجديد إلا وقد تلاصقت قارات العالم وتشابكت من خلال الانفاق والجسور .. خذ كمثال المسافة التي تفصل شرق روسيا عن ولاية ألاسكا (ولا تتجاوز 30 ميلا تتجمد في الشتاء فتصنع جسرا طبيعيا يدعى بيرنج) .. فمن المعروف أن الاسكاالامريكية كانت تابعة لروسيا حتى اشتراها منهم الامريكان عام 1867 بثمن بخس (سبعة ملايين دولار فقط). واليوم اكتشف الروس غلطتهم وبدؤوا يفكرون بإنشاء خط بري يسهل حركة التبادل التجاري مع أميركا وكندا !! وحاليا يزخر العالم بانجازات مدنية فذة تبشر بتنفيذ مشروعات كهذه. وتعد اليابان السباقة في ضرب الارقام القياسية فى انشاء الجسور المعلقة والانفاق التى تمر تحت البحر.. وهى بما تملك من مال وقدرات لديها خطة طموحة لربط معظم جزرها المتناثرة وجعل البلاد كتلة متماسكة. وفى حين احيط نفق بحر المانش (بين انجلترا وفرنسا) بهالة اعلامية ضخمة عند انتهائه عام 1994 انهي اليابانيون بصمت نفق سيكاي عام 1985 ومايزال صاحب الرقم القياسى كأطول نفق بحري فى العالم !! أما بالنسبة للجسور المعلقة فيكفي الحديث عن جسر مضيق أكاشي الذي يصعب على أي دولة غير اليابان تنفيذه؛ فهذا الجسر يفوق جسر بروكلين في أميركا بأربع مرات. وهو يصل بين جزيرتي هونشو الرئيسية وجزيرة شيكوكو التي تبعد بمسافة اربعة كيلومترات. والجزء الاوسط منه (الممتد بين العارضتين الرئيسيتين) يبلغ طوله كيلومترين بدون أي عوارض سفلية. اما ارتفاع عارضتيه الرئيسيتين فيزيد على ارتفاع برج ايفيل فى باريس. ويبلغ وزن الاساس المغمور لكل من العارضتين 350 ألف طن وضعت على عمق 208 قدما تحت سطح البحر.. ... أيها السادة ؛ قبل أربعمائة عام قدم ابراهام أورتيليوس أول دراسة تؤكد انقسام القارات وتباعدها عن بعضها البعض.. ورغم أنها مازالت تتباعد لا أشك مطلقا بعودتها للتلاصق من خلال جسور وأنفاق تربط بينها!!