في منطقة نائية عند مضيق بيرنج قبالة الساحل الروسي تفجرت أزمة دبلوماسية غريبة بين الولاياتالمتحدةوروسيا. لقد كان الوقت ليلا ودرجة الحرارة تقترب من الصفر عندما ألقى الباحثون الامريكيون مجموعة من الاجهزة البحثية الخاصة بالمحيطات قبالة مؤخرة سفينة الابحاث الروسية بروفيسور خروموف. سيقوم الباحثون الامريكيون من سفينتهم الراسية في المياه بمراقبة التيارات البحرية ودرجات الحرار ومستوى الملح قبالة كيب ديجنيف وهي أقصى نقطة تقع شرق آسيا من أجل دراسة آثار ارتفاع درجات حرارة الارض على هذه المنطقة النائية. لكن هنا يتصارع العلم وبقايا شكوك الحرب الباردة مع استعداد فريق الباحثين لالقاء الاجهزة في المياه التي مازالت الغواصات الروسية تقوم بدوريات فيها وستكون بذلك أول معدات امريكية على الجانب الروسي من المضيق خلال عقد. وبعد أكثر من عقد على انهيار الاتحاد السوفيتي السابق مازال لدى روسيا بعض الحساسية بشأن سيادتها على امتداد الحدود المشتركة مع الولاياتالمتحدة. ورفضت السلطات الروسية 15 طلبا من بعثات علمية من جانب الخصم الامريكي السابق قبل ان تقبل بهذه المهمة البحثية. وحدث قدر كبير من التأخير أعقبه بعض الضباب قبل ان ينجح الباحثون في نهاية المطاف في وضع أجهزتهم. وستكمل البيانات التي ستسجلها المعدات قراءات مماثلة للعديد من الاجهزة المنتشرة على الجانب الامريكي من المضيق الوحيد الذي يربط بين المحيط الهادي والمحيط المتجمد الشمالي. وهذا أحد أهداف الهيئة القومية الامريكية لعلوم المحيطات والمناخ والاكاديمية الروسية للرحلات العلمية في التجربة التي يقومون بها تحت عين البحرية الروسية. وقالت سارة ثورنتون الباحثة في جامعة الاسكا والمسؤولة عن رسو السفينة: لقد حاولوا القيام بذلك طوال أربعة أو خمسة أعوام. انني مسرورة أن الامور مضت بسلام. وتركت السفينة خروموف منطقة بالاسكا وبدأت عبور الحدود الامريكية الروسية في مضيق بيرنج وبحر تشوكشي وتوقفت مرات ومرات لاخذ عينات من مياه البحر ومواد رسوبية وسرطانات واسماك وبعض أشكال الحياة البحرية الاخرى. كان من المقرر القاء الاجهزة في اليوم الثالث من الرحلة الا أنه في الصباح حدثت مشكلة اذ توقفت السفينة قبالة الساحل الروسي وسط الضباب. وبعد عام من التخطيط والحصول على موافقات الهيئات الحكومية المعنية اكتشف الفريق خطأ في اوراق العمل حيث وجدوا انهم لم يحصلوا على تصاريح ببعض الاجهزة وتعين ابلاغ موسكو التي تصر على الالتزام بالبروتوكول. وبقيت المعدات على متن خروموف. وقال مايكل جادنوف مستشار مجموعة اليانس التي وضعت الترتيبات الخاصة بالمشروع: ثمة قانون في الاتحاد الروسي بشأن أسرار الدولة يتعلق بالمعلومات. واضاف: لا يمكن لاحد اتخاذ قرارات هنا لان مستوى المسؤولية عال للغاية. ومضى يقول:انتهت الحرب الباردة منذ 15 عاما لكن من الصعب تغيير عقول الناس ،هناك أناس على الجانبين الامريكي والروسي مازالوا يفكرون بالطريقة العتيقة. وفيما يسعى الباحثون للحصول على الموافقات اللازمة غادر الفريق مرساه واتجه الى شمال غرب الاسكا حيث محطته القادمة لاخذ عينات. وبعد أربعة أيام منحت وزارة الدفاع الروسية موافقتها غير انها أوجدت مشكلة جديدة أمام تيري وايتليدج رئيس الفريق العلمي. فقد زادت مخاطر العواصف مع مرور الايام. واذا ما بقيت السفينة في طريقها باتجاه الشمال الى حافة الغطاء الجليدي قرب جزيرة رانجيل قبالة الساحل الشمالي الشرقي الروسي فان ارتفاع أمواج البحر والرياح الشديدة يمكن أن يهدد فرص القاء الاجهزة في نهاية الرحلة. ودعا وايتليدج الى عقد اجتماع لكبار الباحثين ومسؤولي البحرية وقبطان السفينة حيث أبلغهم بأنه يريد العودة الى الموقع في اليوم التالي. وقاوم العلماء الروس بقيادة ايجور لافرنوف رئيس قسم المحيطات في معهد ابحاث القطبين الشمالي والجنوبي الذي يوجد مقره في سان بطرسبرج قائلين انه ليس ثمة معلومات بشأن الظروف المناخية المتوقعة تبرر هذا التغيير الجذري.