فجرت وثائق اتفاقي الرياض التي نشرتها شبكة سي إن إن العالمية مفاجأة من العيار الثقيل لحكومة قطر، حيث عرتها أمام العالم وكشفت حقائق إصرارها على دعم التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط ودول أفريقية. وكانت الدول الداعية لمكافحة للإرهاب قد أصدرت بياناً مشتركاً أكدت فيه أن الوثائق التي نشرتها الشبكة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك تهرب قطر من الوفاء بالتزاماتها وانتهاكها ونكثها الكامل لما تعهدت به، مشددة على أن المطالب بالأصل إما ذكرت في اتفاق الرياض وآليته والاتفاق التكميلي أو أنها متوافقة بشكل كامل مع روح ما تم الاتفاق عليه. ومن أهم ما تم الاتفاق عليه: عدم دعم وإيواء عناصر وتنظيمات إرهابية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، إلا أن الدوحة لم تلتزم بما تعهدت به، رغم تعهد أمير قطر تميم بن حمد خطياً أمام قادة دول مجلس التعاون الخليجي بتنفيذ بنود الاتفاقين. الوثائق تصعد الأزمة وقال د. سعيد اللاوندي، أستاذ العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية بالقاهرة، ل"الرياض" إن هذه الوثائق عندما خرجت أدت إلى تصعيد الأزمة الراهنة، وممارسات الدولة القطرية الآن تؤكد ميلها نحو التصعيد. وأضاف أن قطر متوقعة أن يتم طردها من مجلس التعاون لذلك بدأت الخطوة قبل أن يصدر القرار من المجلس. وأكد اللاوندي أن الأزمة القطرية تضاف إلى الأزمات العربية: "الليبية واليمنية والسورية"، ولن تحل قريباً، لأن الدوحة تحاول أن تتجه نحو التصعيد بينما الدول الداعية لمكافحة الإرهاب تتجه نحو التهدئة الدبلوماسية قبل التصعيد. وأوضح أن قطر تفكر بعقلين، العقل التركي من خلال القاعدة التركية، والحرس الثوري الإيراني الذي يملأ الشوارع والميادين في الدوحة، ثم يضاف إلى ذلك تولي ضباط أتراك مناصب قيادية بالجيش. قطر.. عميل دولي بدوره، قال د. مصطفى السعيد، وزير الاقتصاد المصري السابق، إن الوثائق تؤكد أن الدوحة نكثت تعهداتها أمام دول الخليج، وهذا دليل على أنها لا تحترم القانون ولا تحترم اتفاقاتها. وأشار إلى أن قطر "عميل" وهناك أكثر من دليل على صحة هذا الأمر، ويقودها مخابرات دول مختلفة، ولذلك هي تظن أنها أقوى من العالم العربي. وشدد د. السعيد على أن القضية بدأت تتعقد، ولكننا في مرحلة "شد الحبل"، وننتظر من الذي سيصمد أكثر، ويبدو أن الأجهزة التي تعمل الدوحة لحسابها ترغب في هذا التوتر، حتى تشتري البلدان السلاح وتستنزف الدول ثروات المنطقة. الوثائق تُكذب الدوحة وذكر د. عبد المنعم سعيد، الكاتب والمحلل السياسي، أن الوثائق تشير إلى كذب قطر وعدم احترامها لما وافقت عليه. ولفت إلى أنه ليس هناك حاجة لعقد مؤتمر صحفي لإعلان كذب الدوحة، حيث إن هذه الوثائق تثبت عدم التزامها بتعهداتها مع دول مجلس التعاون الخليجي. قطر في موقف محرج وقالت السفيرة هاجر الإسلامبولي، مساعد وزير الخارجية المصري السابق، إن بنود اتفاقي الرياض نصت بشكل واضح على قطع علاقة الدوحة بجماعة الإخوان، وعدم التدخل في شؤون دول المنطقة الداخلية، وهذا الاتفاق أدى آنذاك لوقف "الجزيرة مباشر مصر". وأضافت أن قطر ناورت في تنفيذ باقي بنود الاتفاقية، والإعلان عن هذه الوثائق يكشف أنه كان هناك محاولات مستميتة من جانب دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية لوضع حد للتدخلات القطرية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وبالتالي بداية الكشف عن هذه الوثائق يحرج الحكومة القطرية. وأردفت الإسلامبولي، أن من ضمن بنود الوثائق أنه يحق لدول المجلس اتخاذ ما تراه مناسباً إذا لم تلتزم أي دولة بتنفيذ الالتزامات المتوقعة، وهذا معناه على الأغلب أنه سيتم إبعاد قطر من المجلس. وعلقت على تلويح الدوحة بالخروج من مجلس التعاون قائلة: "عدم نضج سياسي، وتهور سياسي، يؤكد أن السياسات القطرية التي نفذت في الإقليم لزعزعة الاستقرار فيه سياسة مستمرة لن يحدث تراجع عنها، ومعنى ذلك أنها تتجه إلى تصعيد الموقف مع مجموعة الدول العربية". وأكدت الإسلامبولي أن واقع الأمر هو تحول الموقف العربي بالكامل ضد قطر، ولذلك تسعى الدوحة إلى الاستباق، وهذا ليس دليل قوة، ولكن دليل ضعف شديد جداً. الحل العسكري غير وارد وشدد اللواء د. زكريا حسين، رئيس هيئة البحوث العسكرية المصرية ومدير أكاديمية ناصر العسكرية العليا سابقاً، ل"الرياض" على أن قطر اختارت الطريق الذي تريد أن تستكمله، حيث إنها لا تريد أن تتجاوب مع المطالب العربية والخليجية، واختارت أن تكون في أحضان إيران وتركيا، وستتحمل نتيجة هذا الاختيار، لأن في يد الأمة العربية الكثير جداً من كروت الضغط التي من الممكن أن تجعل الدوحة تنصاع للمطالب العادلة حالياً أو مستقبلاً. ويرى د. حسين أن الحديث عن وساطة لن ينجح في الوقت الحالي لأن قطر اختارت التحالف مع أعداء الأمة، ودعم الإرهاب، وبالتالي هي تشعر بأن الخطوة المقبلة هي طردها من مجلس التعاون، وعلى هذا الأساس اختارت أن تخرج طواعية قبل طردها. وبخصوص الحديث عن الحلول العسكرية، أكد أن الحل العسكري غير وارد في هذا الموضوع، لأن هناك من الإجراءات الاقتصادية ما يجعل قطر تنصاع، وعلى سبيل المثال وقف التعامل مع الشركات العالمية إذا استمر التعامل مع قطر، وبالتالي ليس من الحكمة أن نتكلم عن خيار عسكري.