مساحة حيرة ممتدة في عقلك لا يسعك وقت الليل لتقطعها، ولا يسمح لك أن تَمُدَ فراشك على أطرافه المتوحشة وتغمض عينيك. تأمر عيناك عليك في وقت ضعفك، التسليم له هو الحل. اقطع مع الأرق ركض الأفكار في تلافيف عقلك حتى يشعر بالانتصار ويتركك تلحق بسحابة أحلامك، ستدرك عندها أن الاستسلام الطوعي هو شجاعة تكتيكية تخرجك بأقل الخسائر من حالة عقلك المتمرد. تمرد مفاجئ، يختبر مدى استعدادك للسيطرة على هذا التمرد عن الرتم اليومي المعتاد، أو محاولة لتحديث سلوك مدجن يتبع كل القوانين الطبيعية دون تفكير مختلف لهذا العقل. "عقلك" الثورة الربانية التي ارتقت بالإنسان عن بقية مخلوقات الله في الأرض، والذي لن يصل لأقصى مهامه طالما كان تحت السيطرة أو الروتين أو القيود، فلا تسيء الظن بحالة أرق اعترضت طريق نومك المجدول وفق برامج هيئات الصحة العالمية، وتعرف على ما يمكن أن يقوله لك تحت سجادة النجوم وضوء القمر، قد تقرأ قصيدة باذخة، قد تكتب نصاً هو الأول من نوعه، أو تسلك طريقاً نحو الأعماق المجهولة، فقط أنصت لما يقوله لك عقلك المتألم. ألم مستشرٍ في وجدان لا يزال به بعض النقاء؛ فراق؛ خذلان؛ يأس أو صحوة ضمير في وقت متأخر من الليل. "الليل" الزمن الذي كان قدرة معالجة القضايا غير المحسومة في واقعك أو في داخلك، وقدره أن يكون موعداً منتظراً لناسكٍ مع سجادته وتسابيح ربه، أو موعد غرامي لأحبة من زمن البث الأرضي، أو سطو للص فقير وبلا حظ كحظ علي بابا واللصوص الأربعين. أربعون في المئة ممن يصابون بالأرق لديهم أوجاع نفسية تراكمت عبر مركب "زمن بشري" لم يرحمهم، كبت؛ قلق؛ كآبة، قضت على نصف نجاحهم ونصف سعادتهم وجميع راحتهم. "الراحة" الهدف الذي نؤجله كثيراً لأننا نسابق الزمن لنصنع ما نريد لنا أو لغيرنا، وإذا وصلنا أخيراً نكون قد نسينا كيف كانت أساليب الارتياح، أو اعتدنا على آلية الركض خلف الأهداف وفقدنا الطريق للعودة نحو الهدوء الباعث على الاسترخاء وأسباب السعادة الكبرى