أحياناً تجد نفسك غير مستعد للقاء شخص ما يريد أن يزورك.. ويتحدث معك.. صديقاً أو معرفة أو من الأقارب.. بلا سبب واضح تعتذر عن مقابلته.. أو لاتذهب للمكان الذي يكون فيه مع آخرين يجتمعون كعادتهم.. ولكن لماذا تشعر في هذه اللحظات أنك لاتستطيع أن تتقبل هذا الشخص ولايمكنك احتماله ولو لدقائق؟ لماذا لم تحاول الضغط على نفسك ومجاهدتها للتحمل مثل كل المرات التي كنت تحتمله فيها...؟؟ أتذكر أنني كنت ذاهبة لزيارة صديقة قريبة من نفسي تغيبت عنها لشهور ارتبطت بظروف معاكسة لكل واحدة منّا.. ولكنها في آخر اللحظات اتصلت على استحياء لتخبرني أن فلانة ستكون موجودة وأنها لم تستطع أن تعتذر منها خاصة بعد أن قالت لها أنّ فلانة جاية عندي.. لا أعرف ماذا أقول ولكني اعتذرت منها وقلت أننا ممكن أن نلتقي بيوم آخر قريب.. لأنّ مزاجي لا يتسع الليلة لفلانة.. وكنت بحاجة أن نلتقي للحديث بهدوء.. وفي أمور مشتركة تخصنا ولو كانت فلانة أخرى ليس لديّ مانع.. تفهمت عذري والتقينا بعدها مع صديقات داخل مزاجي المختلف..! لكن ما مشكلة فلانة التي تدفعني إلى الهروب منها؟ مشكلتها أنها ثرثارة وكلامها لايتوقف.. وأحاديثها متصلة.. وغير مفيدة.. إن لم تكن مصاباً بالصداع فسوف يأتيك.. هي نموذج لكثير من النساء والرجال الذين يحتكرون المجالس ويفتون في كل شيء.. ويتحدثون دون أن يطلب منهم.. ومهما كان عدد من في المجلس لن تجد غير هذا الشخص هو من يتحدث وهو من يسيطر.. وهو من يتداخل.. والمصيبة أنه لم يسمع من أحد.. لأن من يتحدث كثيراً يسمع قليلاً.. قد تتحمل مثل هذا الشخص أحياناً لو كنت في مزاج متسع.. وإحساس رحب وفضفاض.. تتحمله ولكن على مضض.. في أماكن فُرض فيها عليك وليس لديك حرية الاختيار لتغادر.. تتحمله عندما تكون ذاكرتك مغيبة.. أو ضمن مجموعة تتمكن من خلالها أن تجد آخرين تتحدث معهم..! ولكن لو كنت في مزاج سيء ومتوحد مع نفسك.. وتعيش عزلتك ولك الخيار في أن تختار لن تسمح لهذا الشخص أن يغتال هدوءك أو يكدر لحظاتك الرايقة.. أو يقتل صمتك بثرثرته.. لأنك لست مضطراً له.. وفي حالتين مختلفتين قد لا تتحمله فيها: حالة المزاج السيء الذي قد يزيده.. وحالة الروقان والهدوء والتمازج مع النفس التي قد يفسدها.! لنا خياراتنا في الحياة مهما كانت بسيطة ومهما كانت متواضعة.. ولكننا نهدرها من أجل مجاملة الآخرين على حساب أرواحنا وعلى حساب كل ما هو مفرح ومن الممكن أن يسعدنا.. ولصالح العيب وأنها لحظات وتعبر.. وهذا غير صحيح فمثل هؤلاء الأشخاص الذين لا يضيفون لك لا يمكن أن تكون معهم إلا مضطراً أو إذا كان هناك سبباً جوهرياً لأن يتعكر مزاجك.. لأنهم معادون للحظات الصامتة.. معادون للتأمل.. ولاستيعاب الجمال.. مثلهم مثل آخرين يموتون لو صمتوا أو بقوا لوحدهم.. وكما تقول إحداهن "لا شيء يقتلني سوى البقاء دون بشر أتكلم معهم طوال الوقت في أي شيء.." وعندما سألتها: لماذا لا تجربين الصمت والبقاء وحدك تقرأين.. تتأملين.. تمارسين اليوجا..؟ أجابتني: هل تعتقدين أنني مجنونة.. من يمارسون ماذكرتيه لا علاقة لهم بالحياة.. فالحياة هي الركض والكلام.. والخروج.. وإلا نموت...!!!!