أسباب الأزمة مع قطر واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار لا يمكن إلا رؤيتها ومن مسافة بعيدة، تلك الأزمة تتمثل في مطالب محقة في ظاهرها وباطنها، هدفها حفظ أمن واستقرار واستمرار تنمية المنطقة ونموها ونمائها، فليس من المعقول أن يتم تجاهل مطالب شرعية من أجل التمسك باتجاه سياسي وفكري خاطئ يقود إلى هاوية أول ضحاياها قطر. الاستعلاء في قاموس السياسة هو الخطوة الأولى نحو الانتحار بكل ما تحمله الكلمة من معنى بشع، السياسة القطرية في الأزمة سلكت طريق الاستعلاء والمكابرة، وحاولت الاستقواء بالغريب على الشقيق الذي يأتي كدليل واضح على معرفة مكمن الخطأ ومحاولة الالتفاف عليه بغية عدم الاعتراف به. ما يثير الاستغراب هو استمرار الموقف القطري وتعنته في تناقض تام بين الأقوال والأفعال، وآخر ما سمعنا نقلاً عن وزير الخارجية الكويتي أن «قطر مستعدة لتفهم هواجس ومشاغل» أشقائها في الخليج وإن بلاده ستواصل جهودها لرأب الصدع الخليجي. التلاعب بالألفاظ والمفردات لم يعد ممكناً في هذه المرحلة الحساسة من عمر منطقتنا الخليجية وحتى العربية، فما تطالب به المملكة ودول الخليج والدول العربية ليست مجرد «هواجس» إنما هي حقائق ووقائع مدموغة بالأدلة القاطعة التي لا تقبل الشك، لا مجرد هواجس وتوهمات وخيالات، تلك «الهواجس» موجودة في فكر من يصنع السياسة القطرية ويوجهها معتقداً أن هذه الأزمة ستمر كغيرها بمجرد اللعب على وتر الأخوة والجيرة والتاريخ المشترك، كل ذلك وضعناه في الاعتبار أعواماً طويلة وراعيناه أيما مراعاة وحرصنا عليه كل الحرص وقدمنا تنازلات من أجل تحقيقه وديمومته فماذا كانت النتيجة؟ النتيجة باتت معروفة للجميع أننا أعطينا ثقتنا لمن لا يستحقها وخانها مراراً وتكراراً دون أن يضع أي اعتبار لكل ما سبق، اليوم ممارسات صناع القرار القطري باتت تهدد بتصرفاتهم وانتماءاتهم وتحالفاتهم أمننا الوطني الذي هو خط من يقترب منه فلن يجد ما يسره. نتمنى على الأشقاء في قطر أن يحكِّموا عقلهم وهذا أقل ما يجب أن يفعلوه ليس من صالحنا وصالح إقليمنا، ولكن من صالحهم في المقام الأول.