بعد زوال آثار الحرب العراقية - الإيرانية وغزو صدام حسين الكويت، بدأ الجانبان الخليجي والايراني يتحدثان عن المصالح المشتركة وضرورة تفادي الدخول في صراع مباشر، والحفاظ على سلامة الحدود، وضمان التدفّق الحرّ للنفط وحرية الملاحة، والدعوة للتوصّل إلى تفاهمات على قواعد طريق متَّفق عليها يمكن أن تخفّف، بصورة مجدية، التوتّرات السياسية والطائفية في المنطقة وتخلق مناخاً سياسياً أفضل، وبدأ كلاهما مواءمة سياسات إنتاج النفط لمواجهة العجز المتزايد (بلغ التعاون ذروته في صفقة الحصص في العام 1999). ودعم ولي العهد السعودي آنذاك - الملك عبدالله - تعزيز العلاقات مع طهران باعتبار أن ذلك سيعزّز موقف المعتدلين في طهران. كما التزم الجانب الإيراني اضطرارياً بإصلاح العلاقات مع دول الخليج بدافع الضرورة الاقتصادية، وفي أواخر فترة رئاسة هاشمي رفسنجاني وطوال رئاسة محمد خاتمي (1997-2005)، وصلت العلاقات إلى أقوى درجاتها، وبلغت ذروتها من خلال عقد سلسلة من الاتفاقات الأمنية. في بداية رئاسة محمود أحمدي نجاد، احتفظ الجانبان،، بمستوى معيّن من الحوار، حيث بدأت مبادرة خليجية جدية وهي (المبادرة القطرية) للحوار بين دول الخليج وإيران في صيف 2006، وتوجتها بمشاركة الرئيس نجاد في القمة الخليجية في الدوحة عام 2007 حيث اقترح نجاد على القادة الخليجيين عقد اتفاق أمني مُشترك وانشاء مؤسسات أمنية للتعاون بين ضفتي الخليج وطرح 12 مقترحاً منها تأسيس منظمة للتعاون الاقتصادي بين الطرفين وإلغاء تأشيرات الدخول بين ايران ودول المجلس، إضافة الى الاستثمار المشترك في الطاقة والتعاون في المجالات العلمية والتربوية والاقتصادية. وبعد وصول الرئيس حسن روحاني وتوقيع الاتفاق النووي أعادت قطر طرح مبادرتها بصورة علنية فخلال كلمته فى القمة العربية ال 26 بشرم الشيخ في 28 مارس 2015 قال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد «نحن ننظر بايجابية تامة الى الجهود الدولية لحل الخلافات مع إيران حول مشروعها النووى سلمياً وهذا كان نهجنا دائما فى دعم السلام والاستقرار فى منطقة الخليج». وأضاف « وهنا أؤكد على علاقة حسن الجوار مع ايران والتى نعتبرها جزءا لا يتجزأ من منطقتنا ومن أمتنا الاسلامية ونؤكد ايضا ان علاقة حسن الجوار تقوم ايضا على احترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية». وكرر الشيخ تميم خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 28 سبتمبر 2015 استعداد بلاده للقيام بمبادرة واستضافة حوار على أراضيها بين إيران ودول الخليج، مؤكداً أن الخلاف مع إيران «يمكن حله بالحوار والاتفاق على القواعد التي تنظم العلاقات بين طهران ودول الخليج على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية» معتبرا أن الأوان قد حان لإجراء حوار هادف بين دول متجاورة دون الحاجة لوساطة. وأكد أن «إيران دولة جارة مهمة، وأن التعاون بيننا وبينها في مصلحة المنطقة» موضحا أن العلاقة بين الدوحةوطهران تنمو وتتطور باستمرار على أساس المصالح المشتركة والجيرة الحسنة، ومشددا على أنه «لا يوجد أي خلاف متعلق بالعلاقات الثنائية بين بلدينا». وفي أبريل 2015 دعا وزير خارجية قطر السابق دول الخليج إلى «حوار جاد» مع إيران، حيث أكد العطية، إنه «يتعين على دول مجلس التعاون مجتمعة الحوار مع إيران»، داعيًا إلى حوار «جاد» يتم خلاله بحث «أمن المنطقة» و«الهواجس الخليجية». تقوم (المبادرة القطرية) على فكرة أنه وبسبب خطورة الوضع الذي وصلت اليه العلاقات الخليجية - الإيرانية وارتفاع منسوب المواجهة بين الطرفين في المنطقة فلابد من الحوار ونقاش الأسباب الفعلية للأزمة الحالية بين الطرفين، وإمكانية بدء حوار خليجي - إيراني يُساهم في الخروج بمقترحات محددة لخفض مستوى الصراعات الدائرة في المنطقة ويساعد على إيجاد آليات لحلها بطرق سياسية وبما يحقق مصالح الطرفين الجارين في الاستقرار والازدهار والتعايش السلمي. وللمقال صلة.