منذ قرون مضت، ورغم الأزمات العاصفة التي تمر بها المنطقة، إلا أن الهم الأزلي للمملكة العربية السعودية وشعارها الأول هو "الالتزام"، و"الترحيب" بالحجاج والمعتمرين من كافة بقاع العالم رغم ما يحدث من اضطرابات. وتعمل المملكة على استقطاب الحجاج والمعتمرين، وترحب بهم من جميع أنحاء العالم، ومن جميع الجنسيات، الأعراق ومن جميع المذاهب، حيث تحرص على تقديم كافة التسهيلات لهم منذ لحظة انطلاقهم من بلادهم حتى وصولهم إلى الأراضي المقدسة. ووسط تحولات، وأزمات سياسية تشهدها المنطقة منذ أيام لاسيما الخليج العربي، جددت المملكة، التزامها تجاه الحجاج، والمعتمرين قاصدي بيت الله الحرام، حيث أكدت في بيانها بشأن قطع العلاقات مع قطر التزامها، وحرصها على توفير كل التسهيلات والخدمات للحجاج والمعتمرين القطريين، وهو ما يؤكد موقف المملكة تجاه الحجاج والمعتمرين في كافة دول العالم بأنه، ومهما يحدث من خلافات، فإن ضيوف الرحمن القادمين إلى المشاعر المقدسة سيجدون كل الخدمات والتسهيلات في المملكة حتى يعودوا إلى بلدانهم سالمين غانمين. ولم يكن موقف المملكة المشرف، مع مواطني قطر الراغبين في الحج والعمرة هو الأول، إذ سبقه مواقف خلدها التاريخ للمملكة من خلال استقبال حجاج ومعتمرين حاولت بلدانهم منعهم من أداء فريضة الحج، إلا أن المملكة فتحت لهم الأبواب، وقدمت لهم التسهيلات في سبيل وصولهم إلى المشاعر المقدسة دون النظر إلى أي خلافات سياسية مع أي بلد في العالم وهو ما تحرص عليه المملكة في سياساتها سواء كانت علنية، أو سرية. وكان العام الماضي أكبر شاهد على مواقف المملكة تجاه الحجاج، إذ وافقت على منح تأشيرات لجميع الحجاج الإيرانيين القادمين من خارج بلادهم، رداً منه على اتهامات إيرانية للمملكة ب"حرمان الإيرانيين من أداء الفريضة" بعد سحب سفراء البلدين. وأكدت حينها أن الحجاج الإيرانيين الذين تقدموا بطلبات تأشيرة لأداء فريضة الحج من خارج بلادهم وصلوا مكة، وذلك بعد ما حرمت إيران مواطنيها في الداخل من أداء الحج هذا العام، حيث منحت جميع الحجاج الإيرانيين القادمين من أوروبا وأميركا، وأستراليا، ونيوزيلندا، وإفريقيا تأشيرات للقدوم للحج، وتمكنوا من أداء مناسكهم ، وعادوا إلى بلادهم سالمين غانمين. ولم تدّخر المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز "جهداً" لخدمة ضيوف الرحمن، بل عملت منذ مئات السنين على تسهيل كل ما من شأنه خدمة الحاج والمعتمرين القادمين إلى مكةالمكرمة سواء لأداء مناسك الحج، أو العمرة. وسخرّت كل إمكاناتها، وطاقاتها البشرية والمادية من أجل تسيير أعمال الحج وخدمة ضيوف الرحمن الذين يفدون إليها من كل حدب وصوب، ولم تقتصر جهود المملكة على رعاية الحجاج داخل الحرمين الشريفين فقط، بل أطلقت جهودها بداية من سفارات، وقنصليات المملكة في الخارج، والتي تعمل على استقبال طلبات الحج الضخمة في كل عام، حيث تعمل على جميع الإجراءات، وتسهيلها. وعلى رغم من تلك الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة وتنفق عليها مليارات الريالات في كل عام في خدمة حجيج بيت الله الحرام، والمعتمرين، إلا أنها لا تنتظر كلمة "شكراً" من أحد فهي مؤمنة بواجبها، وتقوم به على أكمل وجه، وأتم استعداد لاستقبال ضيوف الرحمن وتوفير كل سبل الراحة، والأمن والأمان لهم. وكان قرار المملكة العربية السعودية قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع قطر تضمن منع المواطنين السعوديين من السفر إلى دولة قطر، أو الإقامة فيها، أو المرور عبرها، وطلبت من المقيمين والزائرين منهم سرعة المغادرة خلال مدة لا تتجاوز 14 يوماً. ونص القرار: "كما تمنع، بكل أسف، لأسباب أمنية احترازية دخول، أو عبور المواطنين القطريين إلى المملكة العربية السعودية، وتمهل المقيمين والزائرين منهم مدة 14 يوماً للمغادرة؛ مؤكدة التزامها، وحرصها على توفير كل التسهيلات والخدمات للحجاج والمعتمرين القطريين". وأكدت المملكة، إنها صبرت طويلاً رغم استمرار السلطات في الدوحة على التملص من التزاماتها، والتآمر عليها، حرصاً منها على الشعب القطري الذي هو امتداد طبيعي وأصيل لإخوانه في المملكة، وجزء من أرومتها، وستظل المملكة سنداً للشعب القطري الشقيق وداعمة لأمنه، واستقراره بغض النظر عما ترتكبه السلطات في الدوحة من ممارسات عدائية.