كتب الشاعر الجميل مسفر الدوسري في كتابه "ما لم أقله شعرا" (الحب بالنسبة لنا هو صورة داخل "برواز" تكون جميلة فقط عندما لا يصيبها أي انحراف إلى أعلى أو إلى أسفل... الحب ليس خطوطا مستقيمة، وأشكالا مؤطرة، إنه نسيج متشابك ومعقد، عندما تمسك بطرف خيط منه قد تصاب بالجنون قبل أن تعثر على الآخر). لم تستطع المرأة أن تخرج من "البرواز" الذي رسمه لها الأدباء من الكتاب الروائيين والشعراء في المملكة خاصة فيما يتعلق بإطار الحب.. ذلك البرواز الذي يضعها دوما الحبيبة المتخيلة أو ربما المرأة الهاربة من السرب، يرسمها الأدباء ويربطونها بعوالمهم كما يشتهون أن يفضلوها طويلة اليدين، قصيرة الأشواق، أو ربما نحيلة الحيلة وقليلة الأمل خاصة في الحب، إلا أن لكل كاتب وشاعر وأديب طريقته في ربط المرأة بالحب الذي يضعه في نجمه ويرمي بها عاليا في فضاء الكلمة.. وتبقى المرأة في شعر الروائي والشاعر "غازي القصيبي" – رحمه الله – تلك الفاتنة المرتبطة بالعذوبة والجمال والحسن في كل أحوالها في الرضا والجفاء، في القسوة واللين عذبة، فالمرأة وطن والوطن امرأة يتجسد فيها ذلك البعد الخفي للانتماء الذي يربطنا بأرض ولدنا عليها وانبتتنا نباتا حسن وتلك هي المرأة التي نبتنا في احشائها وإذا ما قذفتنا إلى الدنيا عدنا إلى قلبها عشاقا. فاتنة أنت مثل الرياض ترف ملامحها في المطر وقاسية أنت مثل الرياض تعذب عشاقها بالضجر حينما تدخل المرأة داخل الحبكة العاطفية للعشق فإنها تتحول إلى فراشة لا تطير إلا حول الضوء، كلما طارت فاح منها عطر القلب، المرأة من منظور الشاعر محمد الثبيتي – رحمه الله – حينما تحب ويخلق العشق بقلبها فإنها تأتي بسماء تمطر طوال العام، تأتي بضياء يلامس الأرض فيلون اللوحة بأعشاش خضر مورقة تمتد من حقول روحها. العشق في قلب المرأة يملك القوة بأن يجعل من الصحراء تزهر ياسمينا. عندما تعشقين.. تهز العواصف متن الشراع وتنزف عطرا جراح اليراع ويلهو الشعاع ... على ورق الورد والياسمين. ويصعب جدا أن نفسر من أين تأتي امرأة الاحلام تلك التي حكى عنها الروائي "محمد حسن علوان".. تلك المرأة التي تغير كل القناعات الثابتة في الحياة، المرأة الاستثناء في برواز يصعب جدا اختراقه، المشبعة بالغيم، الماطرة في فصل الصيف، الدافئة في فصل الشتاء، صاحبة القامة الطويلة أمام المثاليات، وذات البصر القصير أمام المغريات.. الباكية حينما تضحك النساء، الضاحكة حينما تبكي الأخريات.. تلك المرأة التي ترفع سقف الاحتمالات لتسده على احتمال آخر يحل محلها حينما تغيب فلا يؤمن الرجل بغيرها حتى إن لعب دور اللاعب الأساسي في قصة الغياب. يقول علوان: (أي امرأة تلك ستكفيني بعد أن رفعت أنت سقف الكفاية إلى حد تعجز عنه النساء) وبرغم كل ما مضى.. تبقى المرأة الأم الحالة الخاصة والتي بغيابها تنقص غرفة في القلب.. يعيق النص الآخر بداخل كل انسان، فينمو مهتزا، منكسرا، معطوب الروح، هناك إعاقة ما دوما تحول بينه وبين الحياة.. المرأة لدى الروائي "عبدالله ثابت" هي الأم وأي امرأة يختارها الرجل يحبها تحمل شيئا من أمه.. من ذلك المأوى الذي أوى إليه منذ لحظة الخلق حتى لحظة الظمأ.. كتب يقول: (الذي يكبر بعيدا عن أمه.. سيفتش عنها في سائر النساء) وليس هناك أجمل من أن تتحول المرأة إلى قناعة، إلى حقيقة وواقع تملأ القلب، وتخلق حالة الثقة المطلقة التي يصغي إليها نصفها الآخر وهو يعلم بأنها لن تكذب عليه ولن تزيف الأشياء. إنها المرأة التي يجدها الشاعر جاسم الصحيح بأنها تستحق الاصغاء حتى إن خالف ما تقول ما قاله الجميع.. أميل نحوك والتنصيص يجذبني حتى أشد على التنصيص أقواسي وتبقى المرأة "السر" الذي لا يفشى به إلا في الأدب.