مرحلة التعليم الجامعي من أهم مراحل التعليم للمتعلم؛ ففيها يظهر نضجه وشعوره بالمسؤولية، وفيها يكتسب المهارات المهنية المتعددة التي تهيئه لسوق العمل. فبناء المتعلم الجامعي معرفياً وقيمياً ومهارياً من أولويات إدارات التعلم، والتقصير في ذلك يعد خطأً إستراتيجياً وريادياً في الإعداد والتأهيل العلمي والأكاديمي. نعم لا بد للتعليم الجامعي أن يقوم بدوره في إثراء المجتمع وخدمته على جميع المستويات ويهتم اهتماماً خاصاً بحل المشكلات؛ إلا أن ذلك لا يجوز أن ينسيه مهمته الريادية في تحسين مستويات الأداء الأكاديمي والتحصيل المعرفي والاكتساب المهاري. ومسؤولية التعليم الجامعي في تنفيذه للخطط الدراسية، بحيث يتم بناؤها وإنجازها في ضوء معايير وأطر عالمية تحقق جودة التعليم والتعلم الذاتي وما يتناسب مع سوق العمل ومتطلبات المستقبل. وثمة مسؤولية أخرى، وهي أن هناك علاقة وثيقة بين التعليم الجامعي وخطط التنمية الشاملة للمجتمع، والتي تنبثق أساساً عن توافر وإعداد الكوادر المدربة والمؤهلة ضمن اختصاصات مختلفة ومستويات تأهيل متعددة لسد احتياجات المجتمع من القوى العاملة المطلوبة، كما يقع على التعليم الجامعي مسؤولية التحديث، والتطوير، لمواكبة التطور والتقدم السريع الحاصل في المجتمع ورسم السياسات التعليمية المناسبة وتحديد أهداف التعليم الجامعي التي تقود إلى تلبية احتياجات المجتمع على اختلاف أنواعها. ولكي يستطيع التعليم الجامعي أن يسهم بكفاءة في تحقيق رؤية 2030 وتعزيز إرادة التغيير نحو الأفضل في المجتمع ومن ثم الوصول إلى مخرجات تعليمية طموحه، فإنه ينبغي أن تتوافر معايير عالية ومواصفات خاصة في أهدافه وبنيته وإدارته ومحتوياته وطرائقه في التعليم والتعلم. إن إدارات التعليم الجامعي تقف في الوقت الحاضر على مفترق طرق مهمة وخطيرة في الوقت نفسه، إذ عليها أن تحدد اختيارها بين أن تتجاهل التغيرات التي تجري من حولها وتبقى على حالها، أو أن تتفاعل مع "الرؤية" والمتغيرات والمستجدات وتعمل على القيام بمهمتها الأساس "التعليمية" ومن ثم تطوير نفسها وتحديث أساليبها، بما يتناسب مع تغيرات العصر ومستجدات الواقع. ولمعالجة الاتجاه الازدواجي لدى بعض جامعاتنا فإن عليها القيام بالأدوار والمسؤوليات الموكلة إليها، وأن تعيد النظر في موقعها الحالي، وتحدد التصورات والتوقعات لرسم سياستها التعليمية وتحدد أهدافها المستقبلية لمختلف مهامها ونشاطاتها دون التخبط والتشتت في برامج وقضايا ليست من اختصاصها أو مسؤولياتها سيبقى التعليم الجامعي يواجه تحديات متعددة؛ تحديات في مركزية العمل وفردية الاتجاه وبالتالي سَوْقُ عقول أكاديمية وخبرات معرفية وقدرات مهارية قي طريق واحد واتجاه واحد وتحد آخر في إنهاك بيئة التعليم الجامعي وحَرْفه عن مقصوده، ومن ثم التأخر في التطوير والارتقاء بالبيئة التعليمية الجامعية وتحد ثالث في اختيار القادة داخل البيئات التعليمية الجامعية؛ إذ المعيار والمحك في اختيار الكفاءة في الأداء والاقتدار في العمل. إن جميع شرائح المجتمع تتطلع إلى "تعليم جامعي" يُكسب ويُؤهل ويُبدع ويُطور ويُحفز الطاقات ويرسم الآمال ويحقق الطموحات...