لقد كان لقيادة قطر مواقف عدة تجاه رموز الجماعات التي أُدينت من السلطات السعودية وغيرها من البلدان على أنها تحمل فكراً متطرفاً وإجرامياً، كجماعة الإخوان المسلمين و"حزب الله" في لبنان الذي يتلقى الرعاية والدعم اللوجستي الإيراني، ومن المتعارف عليه أن إيران قد تستحق وبجدارة أن تدخل التاريخ المعاصر من أوسع أبوابه كأكثر دولة مُصنّعة ومنتجة للتنظيمات الإرهابية التي حملت على أجنحتها تحقيق حلم أسطوري - فارسي لإقامة إمبراطورية عظمى، كما أن قطر تلك البقعة الجغرافية الصغيرة قد لعبت أدواراً غير مألوفة ضد مصالح المنطقة وأمنها وأيضاً حلفائها من دول الخليج العربي وأيضاً على مستوى عربي، ولعل الدور البارز عربياً تجاه قضية سورية عندما قدمت قطر دعماً مادياً لجبهة النصرة التي انشقت عن داعش إثر خلاف حول تولي القيادة، مما كان له أثر تجاه الموقف الخليجي الذي ينبذ ويحارب التنظيمات الإرهابية في سورية، فكيف ستنجح التحالفات العسكرية في مواجهة الإرهاب إن كان هناك من يموّلها ويغذيها؟ أليس من الأجدر تجفيف الممول أولاً؟ قبل أي عملية عسكرية بالتأكيد. -وعلى أي حال- لقد كان لتغريد قطر خارج السِرب غير مكترثة لما قد يترتب من تداعيات على أمن المنطقة بشكل عام، أثر سلبي خاصةً عندما تبيّن ميل كفّتها نحو اللاعب الإيراني، كما صرّح الشيخ تميم ليلة أمس أن: قطر نجحت في بناء علاقات قوية مع أميركا وإيران في وقت واحد، نظراً لما تمثله إيران من ثقل إقليمي وإسلامي لا يمكن تجاهله، وليس من الحكمة التصعيد معها، خاصة أنها قوة كبرى تضمن الاستقرار في المنطقة عند التعاون معها، وهو ما تحرص عليه قطر من أجل استقرار الدول المجاورة. إن لهذا التصريح معاني عدة ولعله من تداعيات زيارة ترمب الأخيرة في قمة الرياض، التي ضيّقت الخِناق على ممولي التنظيمات الإرهابية وقد برهن التصريح توتر قطر فعلياً بلهجة خطرة وكأنها شقت الصف الخليجي بل وتمردت لتُحسب بصف إيران، ويبدو أن قطر تُريد أن تستمر في لعب الأدوار المزدوجة حتى تُضيف ثقلاً سياسياً لها بالمنطقة ويتضح ذلك ليس من التصريح فحسب! بل لتاريخ مواقفها السياسية تجاه القضايا العربية بشكل عام.