على المستويات الاقتصادية والسياسية والإستراتيجية، العلاقات الأميركية - السعودية ذات انسجام شبه متكامل، وفي فترات قليلة أصاب هذه العلاقة بعض العطب أو الخلل، ولكن سرعان ما تمكنت الولاياتالمتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية من إنهاء كل موجبات العطب وأسباب الخلل.. لذلك نتمكن من القول: إن هذه العلاقات منسجمة وذات إرث تاريخي عميق، ومن الصعوبة بمكان على المستويين السياسي والاقتصادي أن تصاب هذه العلاقة بعطب مستديم. ومن المؤكد أن دونالد ترمب قبل انتخابه رئيساً، أدلى ببعض التصريحات المتعلقة للجانب السعودي.. ولكن زيارة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أعاد هذه العلاقة إلى سابق عهدها على كافة المستويات.. ومن المؤكد أن زيارة دونالد ترمب إلى الرياض ولقاءه مع القيادة السعودية، يعكس عمق هذه العلاقة وقدرة كلا البلدين على تجاوز كل الأخطار التي قد تصاب بها العلاقة بين البلدين.. واختيار المملكة لأول زيارة خارج الولاياتالمتحدة الأميركية، يعكس الأهمية الإستراتيجية التي تحظى بها المملكة في المنظور السياسي والاقتصادي الأميركي.. كما تعطي هذه الزيارة انطباعاً عميقاً على أن الولاياتالمتحدة الأميركية، تعطي لتحالفها الدولي في مكافحة الإرهاب والحرب على داعش أهمية كبرى، قد تصل إلى مستوى الخطوة الإستراتيجية التي لن تحيد عنها أميركا خلال السنوات القادمة.. وإن الإدارة الأميركية جادة في محاربة داعش وإنهاء وجودها سواء في العراق أو سورية، وإن هذا التحالف في مواجهة الإرهاب سيبقى بعيداً عن العرقلة السياسية أو الأمنية، وإن كل الظروف مواتية للقضاء النهائي على الإرهاب.. وإن المنطقة العربية والإسلامية في طريقها للتخلص من داعش وأمثالها وكل الوجودات الإرهابية، التي تؤدي إلى مستوى من اللا استقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة العربية والإسلامية. لا ريب أن استمرار التنسيق سيكون من ثوابت المرحلة القادمة في ملف الشرق الأوسط.. وزيارة دونالد ترمب إلى الرياض ستؤكد هذه الحقيقة وسيعبر الطرفان الأميركي والسعودي عن ارتياحهما من هذا التنسيق المتبادل.. ولا ريب أن المملكة العربية السعودية لها مصلحة سياسية واقتصادية دائمة، في التخلص من الإرهاب الداعشي.. وحينما تعود العلاقات الأميركية - السعودية إلى سابق عهدها، فإن هذا المؤشر يساوي استمرار القدرة على سياسة التخادم بين البلدين: بمعنى أن المملكة بإمكانها سياسياً واقتصادياً مساعدة أميريكا في أولوياتها السياسية في منطقة الشرق الأوسط.. كما أن للولايات المتحدة الأميركية القدرة على مساعدة المملكة على المستويات الإقليمية كافة.. لذلك نتمكن من القول: إن هذا الانسجام الإستراتيجي بين البلدين، سينعكس على طبيعة الخطوات السياسية والاقتصادية التي يحتاجها البلدان وتحتاجها منطقة الشرق الأوسط.. ولعل من أهم الأشياء التي تعكسها زيارة دونالد ترمب إلى المملكة، أن الولاياتالمتحدة الأميركية ليست في وارد الانعزال عن العالم، وأن هذه الزيارة تعكس استمرار الإدارة الأميركية في دورها وتأثيرها في العالم، وإن كل الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية، تعكس هذا الاستمرار الأميركي.. وعليه فإن أميركا كسياسة وأدوار ووظائف، ليست في وارد الانعزال والتخلي عن دورها الدولي.. وتأتي زيارة دونالد ترمب إلى الرياض، للتأكيد على هذه المسألة، وأن أميركا ليست في وارد التخلي عن دورها الدولي والعالمي.. صحيح أن أميركا ليست بحيوية وفعالية السابق، ولكن هذا لا يعني انسحاب أميركا العالمي.. وكل المؤشرات تدفعنا إلى الاعتقاد أن أميركا ستفعّل دورها سواء في العراق أو سورية أو غيرها من مناطق منطقة الشرق الأوسط.. وبفعل الانسجام الإستراتيجي بين أميركا والمملكة، ستمارس المملكة دورها الإقليمي بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة الأميركية. ولا ريب أن استمرار التنسيق سيكون من ثوابت المرحلة القادمة في ملف الشرق الأوسط.. وزيارة دونالد ترمب إلى الرياض، ستؤكد هذه الحقيقة وسيعبر الطرفان الأميركي والسعودي عن ارتياحهما من هذا التنسيق المتبادل. والمملكة بوصفها دولة رئيسية في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، ستكون معنية بدعم هذا التحالف.. إذ تشعر المملكة أن من مصلحتها أن يتمكن هذا التحالف من القضاء على داعش، وتخليص المنطقة كلها من أخطار هذا التنظيم الإرهابي. ويبدو من مجموع المؤشرات أنه بعد قمم الرياض الثلاث اتفقت جميع الأطراف على أهمية نبذ الإرهاب والتطرف والتشدد الديني.. لأن العلاقة بين التشدد الديني والإرهاب هي علاقة السبب بالنتيجة. فالمجال الإسلامي بأسره معني بمحاربة كل الظواهر التي تؤدي إلى مشكلات كبرى على الصعيدين السياسي والاجتماعي. ونتطلع إلى ذلك اليوم الذي تنتهي من كل الدول الإسلامية مظاهر التطرّف والإرهاب.. ولا ريب أن التنسيق الأمني سيكون مفيداً لكل الدول العربية والإسلامية، بل لاستقرار المنطقة كلها..