كان أحد الأصدقاء يقول لي إن زاوية (لقاء) للأستاذ تركي السديري تدرس؛ وكنت أتفق معه في هذا الرأي، تلك الزاوية كانت قوية بأفكارها وأسلوبها وحيويتها، وتنوع موضوعاتها بين سياسية وفكرية واجتماعية، ولكن يجمعها رابط واحد هو الحس الوطني. ذلك (اللقاء) مع القراء هو جانب واحد من جوانب شخصية الأستاذ تركي السديري وتجربته -يرحمه الله-، الجانب الإداري في شخصية الفقيد تحدث عنه زملاء العمل، وتحدث عنه قبل ذلك المستوى المتقدم الذي وصلت إليه جريدة "الرياض"، ونستطيع من خلال آراء الزملاء الذين عملوا معه بشكل مباشر أن نقول أن الأستاذ تركي كان يقوم بدور قيادي ودور إداري حسب الموقف والظروف. أسلوب مرن يعبر عن ثقة بالنفس ورؤية واضحة، يثق بمن يعمل معه لكنه لا يهوى ممارسة الانتظار، يقوم أحيانا بدور المتابعة بنفسه، عندما كنت أعمل في كلية اليمامة (الجامعة حاليا)، وحصلت حادثة المسرحية المشهورة، تلقيت من الأستاذ تركي اتصالا هاتفيا يستفسر عما حدث. لم يكلف صحفيا بمتابعة هذا الموضوع، بل بحث عن حقيقة ما حدث بنفسه ليس لعدم ثقته بالآخرين، ولكن لأنه حيوي كما هي الصحافة، يقدر أهمية الموضوع ويحرص أن تكون مصادره دقيقة. إن من أهم العناصر في الجانب الإداري هو الإنجازات التي تحققت في مسيرة جريدة "الرياض". إنجازات شملت الجوانب الفنية والإدارية والتقنية والاستثمارية، حتى وصلت إلى مؤسسة إعلامية متقدمة، إنجازات يقف خلفها إنسان قيادي حدد أهداف المستقبل وشكل فريق العمل الذي يشاركه تحقيق تلك الأهداف، وعندما تحقق النجاح اتجهت جوائز التقدير لكامل أعضاء الفريق، ويكفي أنه جعل الصحفيين شركاء في المؤسسة، وهذه إحدى أولوياته التي تتضمن أيضا إنشاء الفرع النسائي. تجربة إدارية للأستاذ تركي بدأت من الصفر حتى وصل إلى قامة إعلامية كان لها دور جوهري في تطوير جريدة "الرياض" لتكون صرحا إعلاميا متميزا وصوتا لا بد أن يسمع؛ تجربة تستحق التوثيق لتضاف إلى التجارب الوطنية المتميزة في كافة المجالات، ولتكون مادة علمية تدرس لأصحاب التخصص. الجانب الإنساني في شخصية الفقيد كان واضحا في كتابات زملاء العمل، وغير الزملاء من الذين تعاملوا معه، وفي استقطاب الكتاب للكتابة بجريدة "الرياض" اندمج الجانب الإداري بالجانب الإنساني، كما تشير مقالات عدد كبير من الكتاب. الفقيد حظي بتقدير وطني مستحق ارتفع إلى مستوى تلقيبه بملك الصحافة من قبل الملك عبدالله -يرحمه الله-، وسيحظى بالتقدير والتكريم بعد رحيله لأن الوطن وفي لأبنائه الأوفياء. رحم الله الأستاذ تركي السديري وأسكنه فسيح جناته.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.