لم تمر أيام طويلة على قضية "سفاح فيس بوك"، الذي قتل رجلا عجوزا على الهواء، عبر خدمة "فيس بوك لايف" في مدينة كليفلاند بولاية أوهايو، ثم انتحر، بعدما هز أوساط العالم، الإنسانية أولا، والأمنية والاجتماعية والتقنية، حتى نشر أب تايلندي، على "فيس بوك" أيضا، بثا مباشرا للحظة انتحاره، وهو يشنق نفسه وطفلته (11 شهرا)، وذلك بعدما اتهم حبيبته بالخيانة. يبدو أن الضغوطات التي تواجهها "فيس بوك" في تنامٍ، حيث لم تنهِ ملف مجرم أوهايو، حتى ظهر قاتل فوكيت، ما دفع بكثيرين لاتهام الشركة بعدم جديتها في التعاطي مع هذا الملف، الذي يستوجب سن إجراءات جادة وسريعة، من شأنها أن تحد من انتشار محتوى العنف والكراهية والتطرف والإرهاب، في ظل عدم وجود قوانين واضحة قد تدين الشركة مستقبلا. أتفهم -على مضض- ألا تسيطر "فيس بوك"، أو أي شركة أخرى، على المحتوى المنشور على منصاتها، لكن هذا لا يعني إطلاقا السماح لها بالاستمرارية، في ظل وجود مداخيل مالية خرافية، قادرة على تمويل مشروعات أبحاث ودراسات، وخلق إجراءات، تساهم بالحد والتقليل من هذا النوع من المحتوى. هناك نقطة في غاية الأهمية، وهي تحليل أكثر من كونه حقيقة، أتمنى أن يتم الالتفات لها مستقبلا، تتمثل في أن ما يعرف بالSerial Killers الذين يلجؤون لعمليات قتل متسلسلة، يهدفون غالبا للفت الانتباه، تجاه أمر معين، قد يكون مباشرا معلوما، من خلال الإفصاح المباشر، كما فعل الكثير من المجرمين، وقد لا يكون، عبر نشر رموز معينة، تهدف لربط الجريمة ببعضها. أصبحت الشبكات الاجتماعية تؤمن لهم الهدف المطلوب، في أقصر وقت ممكن. ما أود قوله، هو أن الوقت الذي كان يستغرقه المجرم سابقا، من أجل أن يلفت الانتباه، لأمر محدد، عبر جريمة ستخلد في رواية أو فيلم، ويتحول لمشهور، صار بيده أن يحصل عليه سريعا، وعبر أزرار تقنية يملكها، توصله لفضاء أكبر، وتتعدى محيطه التقليدي، وبطرق تشبه الأفلام الهوليوودية. لست ممن يعتقد أن هناك حلولاً جذرية لكل الأشياء، وأؤمن أن التعامل مع مستجدات التقنية ما زال يتشكل، لكني أظن الشركات التقنية، ذات المداخيل المليارية، لم تتعامل مع هذه القضايا كأولويات.. وهنا تكمن المشكلة! والسلام..