كتاب "من البادية إلى عالم النفط" سيرة وزير البترول السعودي السابق علي بن إبراهيم النعيمي وحياته التي تذهلك تطوراتها وتحولاتها، كنموذج للناجحين في هذا الوطن وعبر العالم، فعندما تقرأ المجد في سيرة الناجحين، تجد نفسك تقف احتراما لهذه الشخصية الوطنية الرائدة، أنا لا أعرف الوزير النعيمي شخصيا ولكني أعرف أن هذا "البدوي العظيم" يستحق أن تكون سيرته مدرسة تدرس للأجيال، وليسمح لي معالي الوزير بنعته بهذه الصفة (البدوي العظيم) التي أجزم أنه فخور ببدويته كما أنا فخور بهذ الوطن الذي أنتج الناجحين أمثالك. بين هذه الرمال المتحركة والحياة البدوية الشظوف عاش ذلك (البدوي العظيم) يعانق في طموحه وإبداعه تلك الثقافة الغربية التي جاءت بها أرامكو إلى محيطه وبيئته حيث كان يرعى الأغنام فوق أرض سوف تعلن لاحقا عن أعظم خزائن الأرض.. السؤال المهم يقول: ما المثير في سيرة الوزير النعيمي حتى تكون بهذه الأهمية..؟ في الحقيقة إنه إذا أردت أن تعرف كيف تصبح إنسانا ناجحا فاقرأ علي النعيمي، فلم يكن طريق النعيمي نحو النجاح مفروشا بالورد أو مكسوا بطبيعة اجتماعية تميزه عن غيره وتوفر له الفرص واحدة تلو الأخرى، الوزير النعيمي كما تقول سيرته الذاتية ليس من ذلك النوع، لقد صنع نفق النجاح بين كثبان رملية متحركة يصعب التحكم في مجرياتها وحياة بدوية تدور أحداثها حول صناعة حياة بسيطة تتمحور حول الماشية والقبيلة والأقرباء. بين هذه الرمال المتحركة والحياة البدوية الشظوف عاش ذلك (البدوي العظيم) يعانق في طموحه وإبداعه تلك الثقافة الغربية التي جاءت بها أرامكو إلى محيطه وبيئته حيث كان يرعى الأغنام فوق أرض سوف تعلن لاحقا عن أعظم خزائن الأرض حيث البترول، وعندما كان النعيمي صغيرا يلهو ويلعب فوق تلك الأرض ببشرته السمراء كان في داخله طموح البدوي المكتشف وتطلعه لمعرفة ما يجري حوله من الأحداث، ولكن النعيمي أعاد هذه الصياغة فتلك الأرض التي كان يرعى الأغنام فوق رمالها كانت تحتفظ بمهمة تاريخية سوف يقودها هذا الطفل الصغير بعيدا عن سيناريو سينمائي ودراما تنقل هذا الطفل إلى مشهد مختلف. لقد كان السيناريو الذي اختار النعيمي ليكون بطلا في قصته بعيدا عن دراما تلفت النظر إلى هذا الطفل الصغير ثم تقدمه إلى العالم بطرق دراماتيكية، في سيرة النعيمي عليك أن تكتشف أنه في كل مرة يتعثر فيها المسير يعود مجددا وكأنه صقر في كبد السماء، لقد صنع هذا "البدوي العظيم" كل الأحداث ومثل كل الأدوار لينتهي إلى بطولة تاريخية ليس النجاح فيها محليا بحصوله على الوزارة ولكنه نجاح عالمي جعل كلماته إحدى أهم الكلمات التي يتداولها العالم كونها قادرة على تغيير العالم بلمح البصر. كتاب النعيمي غني بكل ما تريد أن تعرفه حول صناعة المجد ومواجهة الحياة بعقل وقلب منفتح إلى درجة الذوبان في كل ما هو مفيد ونافع، لقد أثبت النعيمي أن إحدى ركائز النجاح في هذه الحياة هي الطريقة التي يبني فيها الإنسان شبكة علاقاته المحلية والدولية وكيف يدير هذه الشبكة بطرق ماهرة، في هذا الكتاب يعلمنا النعيمي إحدى أهم الوسائل في معرفة الشعوب وكيفية تفكيرها من خلال عمله كوزير للبترول السعودي، فهذا هو (البدوي العظيم)، لا يمكن للتجربة الإنسانية أن تتجاهل مسيرته المذهلة التي تعلمك بكل دقة معاني النجاح وكيفية الانتقال بثبات بين الرقم واحد والرقم مئة حيث القمة دائما. لقد علمني هذا الكتاب واحدة من السياسات المهمة في هذا العالم، السياسة البترولية فالنعيمي استطاع باقتدار أن يقنع العالم بأن البترول سلعة يستفيد منها العالم بلا استثناء وليس نهجا سياسيا يصارع من أجل البقاء، لن أستطيع أن أشرح كل ما حمله هذا الكتاب من تجربة ناجحة كتجارب كل العظماء في السياسة والعلوم والوظائف القيادية، ولكني أدعو كل جامعات الممكلة أن تفكر بأن تكون تجربة النعيمي جزءا من موضوعاتها في دراسات النجاح والقيادة.