قال الصحفي والكاتب والأب الروحي للصحافة المصرية مصطفى أمين : قلت مرة لأم كلثوم: " أريد أن أموت والقلم في يدي! قالت: أما أنا فأتمنى أن أموت وأنا أغني. أتصور نفسي واقفة في نهاية الوصلة الثالثة من حفلتي الساهرة، وقد غنيّت أغنيتي الأخيرة كأحلى ماغنيت طوال حياتي، ويسدل الستار وسط التصفيق والهتاف، وعندئذ أسقط على الأرض ميتة، ثم يُفتح الستار ليقول للناس إنني مت! قلت لها ساخرًا: ولماذا تصرين أن تموتي في نهاية الوصلة الثالثة بدلًا من أن تموتي في بداية الوصلة الأولى؟ قالت أم كلثوم ضاحكة: حتى يبكي الناس علي ولا يبكون على فلوسهم! " هنا تُبهرُنا نماذج عملاقة تعلّقتْ بعملها ووصلت حد التفاني فيه، نماذج عَشِقَتْ ما تقدم وأخلصت فيه لدرجة أنها تتمنى أن تلفظ أنفاسها الأخيرة وهي تمارسه. لم يصلوا لهذه الدرجة الأولى من التفوق والتميز في مجالاتهم وإنجازاتهم من فراغ. فنلاحظ حب العمل والإخلاص فيه هما اللبنة الأساسية لهذا النجاح. من أراد التقدم لنفسه ولوطنه فليدحض شعار الكسل والسعي فقط من أجل الراتب. وليحمل لواء التغيير بتقدير العمل والاجتهاد فيه ويجعل الأمانة رفيقةً له في كل أمر. وبهذا سيسعد ويجني ثمارًا طيبة. فالعلاقة بين الإخلاص والسعادة علاقةٌ طردية فكلما زاد الإخلاص زادت سعادة الإنسان وتقديره لذاته.