من يرصد تاريخ النمو العمراني لمدينة الرياض، على مدي العقود الأخيرة الماضية، يجد أن لعناصر الترفيه في هذه المدينة، دوراً لا يقل عن العوامل الأخرى في جذب هذا النمو باتجاه المحاور التي تقع على امتدادها تلك العناصر، فسكان المدينة من الجيل الذي أدرك فترة النمو المتسارع للعاصمة الرياض، وغيرها من مدن المملكة الأخرى، خلال مرحلة الطفرة الاقتصادية في التسعينيات من القرن الهجري الماضي، لا بد أن يتذكر كيف زحفت المنشآت التجارية والمكتبية والصناعية والمباني السكنية، على مدى تلك العقود، نحو مواقع التنزه بالقرب من الكثبان الرملية على امتداد طريق خريص، والمقاهي على طريق الحجاز، وأماكن التخييم على طريقي صلبوخ والخرج، التي كانت في وقت ما المتنفس شبه الوحيد لسكان المدينة، وبالذات في نهاية الأسبوع وأيام الإجازات، كما أنه يرى جيل اليوم، وقد تكرر ذات المشهد أمامه، في محور التنزه الحالي على طريق الثمامة التي تعتبر كل من مقار مهرجان الجنادرية، ومتنزه الثمامة، ونادي الفروسية، عناصر الجذب للنمو على هذا المحور، الذي نشاهد في الوقت الحاضر، تلاشي مواقع التنزه على جانبيه يوما بعد آخر والتفاف المخططات السكنية والتجارية حول منشآته الترفيهية والثقافية والسياحية. مشروع "القدية" الذي أعلن صاحب السمو الملكي ولي ولي العهد رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة عن إطلاقه، ليمثل أكبر مدينة ثقافية ورياضية وترفيهية في المملكة، تمتد على مساحة (334) كم2 جنوبي غرب العاصمة الرياض، كاشفاً سموه عن أن الصندوق يعد المستثمر الرئيس في المشروع، إلى جانب نخبة من كبار المستثمرين المحليين والعالميين، سيكون في هذا الجانب، عنصر الجذب القوي بلا شك لنمو مدينة الرياض على امتداد محور جديد، ينطلق منها على طريق مكةالمكرمة باتجاه موقع هذا المشروع الاستثماري الوطني الضخم، الذي يجاوره مشروع حدائق الملك عبدالله العالمية، ليزيد من احتمال ربط كل من مدينتي المزاحمية وضرما بالعاصمة الرياض، لتصبحان في وقت ما امتداداً لها، وجزءًا من كتلتها العمرانية، لذلك لا بد من دراسة هذا المحور المحتمل للنمو في وقت مبكر، وارتباطه وكلاً من مدينتي المزاحمية وضرما بمشروع "القدية" التنموي، من اجل إيجاد الظروف التي تحقق التكامل فيما بينها، ويتم تلافي تكرار ما حل بمحاور التنزه السابقة، وما تعاني منه المحاور الحالية بمدينة الرياض، التي يجب اعتبارها في الواقع مكتسبات تنموية، من الواجب المحافظة عليها، وتعزيز سبل الاستفادة منها، والتي من بين أهم عناصرها منتزه الثمامة، الذي نتمنى أن تحظى أيضاً خطة مشروعاته الترويحية والثقافية والسياحية، بالحصة التي يستحقها من استثمارات الصندوق التنموية.