الاتفاق السعودي الأميركي على اعتبار إيران تشكل خطراً كبيراً على المنطقة، وأنها تقف بالدعم والتخطيط وراء عمليات العنف والإرهاب التي ضربت دولاً لها سيادة وحدود آمنة ومستقرة. وبعد التقارب بين طهرانوواشنطن في فترة حكم أوباما تحول استقرارها إلى عبث فوضوي عنيف، اشعل نار الطائفية والكراهية، وقلب حقائق التاريخ إلى زيف سياسي مازالت تلك الدول وشعوبها تدفع ثمنه دماً وضياعاً وتشريداً.. زيارة ولي ولي العهد محمد بن سلمان لواشنطن لم تكن زيارة لبناء موقف سعودي جديد أو تبدل في السياسة السعودية، فالمملكة موقفها من السياسة الإيرانية أقل ما يمكن وصفه بأنه موقف شديد الاختلاف مع سياسة طهران، على عدة أصعدة، عسكرياً تواجه المملكة المشروع الإيراني في اليمن، وتدعم ثورة الشعب السوري ضد التحالف الإيراني مع بشار الأسد، ودبلوماسياً قطعت علاقتها نهائياً مع طهران، كل هذه المواقف كانت سابقة لانتخاب الرئيس ترامب، فثبات السياسة السعودية تجاه المشروع الإيراني التوسعي يعد ثباتاً ينتمي لهوية عربية وعدالة إسلامية في النهج والحضور، ابتعدت دول عربية وغربية عن الموقف السعودي بسبب اعتبارات خاصة في المصالح مرة والأحقاد على المملكة مرة أخرى المصالح غربية والأحقاد للأسف في أغلبها عربية.. الأمير محمد بن سلمان هو مهندس السياسة السعودية الخارجية، وضع عدة استحقاقات دولية وإقليمية أصبحت مرجعاً سياسياً واستراتيجياً لأغلب قضايا المنطقة، فالحرب على الإرهاب أعد له جيش إسلامي يتمتع بشرعية وقبول في العالم الإسلامي والدولي، واجه المشروع الإيراني في اليمن عسكرياً حتى تمكنت الشرعية اليمنية من الاحتفاظ بشرعيتها بقوة القرار الدولي والعمليات العسكرية، وحّد المعارضة السورية وجعل منها قوة تفاوضية قادرة على التفاوض والإنجاز، في السياسة يؤكد ابن سلمان على القوة والحكمة، فالعقل في سياسته يحتاج لذراع يصافح ويصفع، يصافح باحترام ويصفع بعدل، في واشنطن صافح محمد بن سلمان قادتها باحترام، لسحبهم الغطاء الأميركي عن المشروع الإيراني، اختار الوقت المناسب للزيارة وتسجيل الاعتراف الأميركي عن أخطاء المرحلة السابقة، جاء لواشنطن ليقول: سياستنا تجاه طهران ثابتة من ثبات مبادئنا وهويتنا، وكنا في مرحلة اقتراب سياسة بلدكم مع طهران، كان موقف بلدنا مختلف معكم وعملنا وفقاً لثبات سياستنا على تجنيب علاقة بلدينا التاريخية من الانزلاق، وهذا دهاء سعودي يبرز في الاختلاف أكثر من بروزه في الاتفاق، احترمنا مبادئنا فاحترمنا العالم. والدنا في الشرق يستقبل بالورود، وابنه في الغرب يسحب اعتراف أكبر دولة على ثبات سياستنا ومواقفنا.