تغيرت سياسة واشنطن مع طهران وتغير معها الكثير؛ ومن بين هذا الكثير بعض العرب، ولكن ليس من بينهم دولة خليجية واحدة، وخاصة المملكة العربية السعودية.. لا يمكن أن نعزو التغير الذي طرأ على بعض مواقف القلة من الدول العربية تجاه طهران لأسباب ذاتية أو مصلحة قومية عربية، فتبدل سياسة واشنطن نحو دولة الملالي هي السبب والمسبب لهذا التغير. السياسة السعودية تجاه طهران لم تكن في يوم نتيجة لتوجيه خارجي، أو مشاركة طرف آخر العداء لمجرد أن هذا الطرف رأى من مصلحته إشعال نار العداوة، ولكنها كانت ضحية للتدليس وقلب الحقائق، وللأسف كان دائما ما يأتي هذا الزيف من دول عربية أطلقت أصواتها الإعلامية بشر نحو المملكة للتغطية على دنس سياسي خارجي ارتكبته، أو صرف انتباه شعوبها عن جرائمها الداخلية، وظلت هذه الحيل الدنيئة سنوات طويلة وهي تتعرض المواقف السعودية المستقلة بهدف التشويه وممارسة العمالة الرخيصة، مقابل أموال عرفت طريقها للبنوك السويسرية السرية. الدرس السياسي الذي يسعى الإعلام السعودي تقديم أبجدياته بمنهجية تقوم على الحقيقة والموضوعية، هو التوضيح فقط للموقف السعودي من طهران ومقارنته بالموقف الأميركي والعربي في السابق والوقت الحاضر، وترك المقارنة للمشاهد العربي ليكشف بنفسة السياسات المتغيرة؟ ليس فخرا الإفصاح عن العداوة أو الشماته في الخصوم، ولكن من الفخر الثبات على المواقف وتحمل بإصرار كبير عواقبها مهما تضخمت، اليوم لا يمكن القول إن هناك انتصارا فعليا على المشروع الإيراني الطائفي، فالأفكار والنوايا التي نسمعها بنغمات جديدة تحمل عبارات الرفض للسياسات الإيرانية، لا يمكن أن نصفها بالنصر، ولكنها تعبير عن فرضية مشروع، يحتاج للكثير من الجهود حتى تتحول الفرضية لواقع، فإن توهمنا بأن هذه الأفكار أصبحت واقعا هزم فيه الحرس الثوري الإيراني وباقي المليشيات الطائفية التابعة لإيران، فإن هذا هو الوهم بعينه، فالمطلوب استثمار هذا المناخ الإيجابي لنزع سلاح المذهبية من دولة الملالي، وهذا يتطلب إحياء مشروع عربي، يبدأ من أهل الفكر وعلماء الدين السنة والشيعة، فإسقاط المشروع الإيراني لا يعني هزيمة المذهب الشيعي، ولكنه يعني تخليص الشيعة من الابتزاز والتهديد الإيراني، فلنبدأ بإدانة الخطاب الطائفي ومعاقبة دعاته، فلتكن هذه العقوبات قانونا عربيا ملزما في الوطن العربي الكبير، فهزيمة المشروع الإيراني تبدأ من هزيمة الطائفية، وهذه من ثوابت السياسة السعودية التي تطلب من العرب مشاركتهم بها، وبعد هذا لا يهم تغير سياسة واشنطن واتجاه بوصلة مصالحها الجديدة.