د. أحمد بن حسن الشهري هناك أمور كثيرة في حياتنا تحتاج للتجديد والتحديث والترميم إلا أن هناك أمراً واحداً يولد ويبقى متجدداً حياً شباباً لا يشيخ ولا يبلى حتى يموت صاحبه ويورثه لأبنائه وأحفاده هذا الأمر نحتفل به كل عام ليس لتجديده فهو لم ولن يبلى ولن تنتهي صلاحيته فهذا الأمر صلاحيته من المهد الى اللحد. إنه الولاء والوفاء لله ثم للوطن والمليك. عند المسلم يكون الولاء لله ثم للوطن وولي الأمر جزءاً لا يتجزأ من عقيدته يبقى على امتداد عمره. ونحن عندما نحتفي بذكرى بيعة سلمان الحزم فهي من باب الفرح ومواصلة الحزم والعزم وللتأكيد على ما بايعناه عليه قبل عامين مضت. تجديد الولاء ربما يقتصر على فئة قليلة غُرر بهم فخلعوا بيعتهم وولاءهم لدينهم ووطنهم ومليكهم وسلموا انفسهم لمن استخدمهم خناجر مسمومة موجهة لوطنهم ومواطنيهم تحقيقاً لأجندات انكشفت اقنعتها وبان زيفها ليميز الله الخبيث من الطيب وليمحص الله الثابتين على بيعتهم من المتخاذلين الناكثين بعهدهم. ونحمد الله ان الله قد ابان الحق والحقيقة فها نحن نلاحظ تساقط شعارات الزيف والضلال والباطل في بلاد الشام واليمن حيث بان زيف جهادهم المزعوم الكشف ليفضح الله مقاصدهم ويبرز كذبهم وان هذا الجهاد المزعوم ليس جهاداً بل غدر وخيانة وقتل للأبرياء الركع السجود وانتهاك لحرمات الله, الأمر الذي جعل الكثير منهم يرعوي ويسلم نفسه لوطنه بعد ان خلع عنه ثوب الغدر والخيانة واستعاد ثوب الولاء والطاعة مجدداً البيعة والتوبة من خلال المثول امام الجهات المختصة التي بادرت بتسهيل اجراءاتهم عودتهم وتوبتهم. ان استذكارنا لمبايعة سلمان الحزم تعيد لنا تاريخاً مشرقاً بدأه المؤسس العظيم الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل رحمه الله الذي صنع لهذه الجزيرة تاريخاً جديداً وبنى لها مجداً تليداً وشيد لها فخراً تزهوا به بين الأمم من قبائل متناحرة وصحاري متناثرة الى واحة أمن وأمان وأمة نهضة وعنفوان. هذا المجد المؤثل رفعه سلمان الحزم على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والفكرية والاجتماعية مما تعجز هذه السطور عن الإحاطة به. فعلى الصعيد السياسي أكدت سياسة الملك سلمان الريادة والقيادة للمملكة العربية السعودية خليجياً وعربياً ودولياً فأصبحت المملكة ملتقى رؤساء وقادة العالم من جميع القارات وأصبحت المملكة ركنا مهماً في السياسة الدولية ومعادلة صعبة في صناعة قرار الحرب والسلام, وليست عاصفة الحزم لإعادة الشرعية في اليمن إلا دليلاً على ذلك, وليست الوقفة التاريخية مع الأشقاء في سورية إلا دليلاً ثانيا وليست جولة الملك سلمان الخليجية لتأكيد اللحمة الخليجية شعوباً وقادة إلا دليلاً ثالثاً على البعد الدولي المميز والتاريخي لسياسة سلمان الحزم الذي أعاد للعرب والمسلمين هيبتهم وقوتهم ورقمهم الصعب في المحافل الدولية, اما التصدي للمد الصفوي الذي أراد منظروه ومروجوه ان ينفثوه في العالم العربي والخليجي خاصة حيث كان لسلمان الحزم كلمته الفصل في كبح جماح هذا التمدد الصفوي الذي يهدف لتدمير المنطقة وصنع اذرع في دول الجوار لاسيما اليمن الذي وقفت معه المملكة عسكرياً واقتصادياً لدحر اذناب ايران وعملائها. اما على الصعيد الاقتصادي فقد وضعت رؤية 2030 التي اعتمدها الملك سلمان حفظه الله المملكة على اعتاب مرحلة اقتصادية جديدة تعتمد على الاقتصاد المنتج الصناعي بدلا من الاقتصاد الريعي المستهلك وقد توجت هذه النظرة الثاقبة بميزانية الثبات والشفافية التي خالفت كل التوقعات بثباتها وشفافيتها واعتمادها خططا طموحة تحفظ للوطن عزه وكرامته في زمن التقلبات والاضطرابات والتحولات.