بعد مضي تسع سنوات من توقفي عن كتابة هذه السلسلة من القاموس الشعبي لكثير من الالفاظ الشعبية الدارجة والتي تعود الى أصل فصيح مع استشهادات من فصيح اللغة سواء من القرآن الكريم أو الحديث الشريف أو الأقوال المأثوره أو الشعر أو المثل وكذلك مايوافق ذلك من الشعر الشعبي أو الأمثال الشعبية وبعد إلحاح الكثيرين من الأصدقاء وبعض المتابعين لما أطرحه في هذه الصفحة الغراء ونظراً لما لهذا الموضوع من أهمية بالغة لدي وقد يكون ذلك عند غيري من المهتمين أيضاً لإلقاء الضوء على بعض من أصالة هذه اللهجات وعمقها التاريخي فقد استعنت بالمولى عز وجل لمتابعة هذا العمل وإظهاره للمتلقي منوهاً بالحقوق الأدبية لجريدة "الرياض" عامة وللكاتب خاصة، ومحذراً من الاقتباس منه دون ذكر المصدر. وبقدر من الجهد المستحق للأهمية ولكون هذا البحث يشمل جميع الكلمات ولقناعتي أن ما هو موجود من بديهي الكلام واتفاق العامة عليه من حيث المعنى في هذا الزمان قد يكون غريبا بعد حقبة من الزمن- قد لا نحضرها - مؤيداً لما أطرحه بوجود كلمات كان المجتمع متعارف على معناها قبل خمسين سنة تقريباً وأصبحت الآن من الكلمات الغريبة وللمثال لا الحصر نجد الآباء كبيري السن ومن هو موجود من الأجداد الذين تعدت أعمارهم السبعين والثمانين عاماً يقولون للثوب "مقطع" -بكسر الميم وفتح الطاء -ومع مرور الزمن شبه اندثرت هذه الكلمة ولا تستعمل البتة وهي كلمة فصيحة مأخوذة من قطعة القماش قال الجوهري: يُقَال : هذا ثَوبٌ يَقْطَعُكَ ويُقْطِعُكَ ويُقَطَّعُ لَكَ تَقْطِيعاً: يَصْلُحُ لَكَ قَمِيصاً ونَحْوَه وفي الشعر العامي يقول الشاعر سعيد بن ودمان الدوسري من قصيدة له وكان لها تداول عبر الكاسيت قبل ثلاثين عاماً أو يزيد لأحد الفنانين الشعبيين يازين خلي لا لبس "مقطع الماهود" حسين الوصايف يوم مر يتمدرا به وأستعين بالله لأكمل ماتبقى من باب الباء الثلاثي: "بذا" تقع في معنيين فالمعنى الأول بذا في لسان العرب البَذاء بالمد الفُحْش وفلان بَذيُّ اللسان والمرأَة بَذِيَّةٌ بَذُوَ بَذاءً فهو بَذِيّ وقد تقدم في الهمزة وبَذَوْتُ على القوم وأَبْذَيْتُهم وأَبْذَيْتُ عليهم من البَذاءِ وهو الكلام القبيح وأَنشد الأَصمعي لعمرو بن جَميلٍ الأَسَدِيّ مثل الشُّيَيْخ المُقْذَحِرِّ الباذِي أَوفَى على رَباوَةٍ يُباذِي ومثله بالمعنى الشعبي فلان بذي وقلب الهمزة ياء من البذاءة ووقاحة الكلام والمعنى الآخر بإضافة حرف الجر الباء اسم الإشارة لتصبح كلمة واحدة تعني في هذا المكان أو ذاك الذي يشتهر بعلامة فارقة عن غيره ولأجل حرف الجر قلبت الألف ياء قال البوصيري في العهد العباسي: أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ "بذي سلمِ" مزجتَ دمعاً جرى من مقلة ٍ بدمِ وقال الحطيئة يستعطف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب : ماذا تقول لأفراخٍ "بذي مرخٍ" زغبُ الحواصلِ لا ماءٌ ولا شجرُ وفي اللهجة الشعبية في نجد "بذا المكان" أي في هذا المكان قال الشاعر محمد الشهري: قال: لا.. مسّختها ..والعاده أنتم تكذبون قلت: من تقصد ب "أنتم " محَد غيري "بذا المكان"؟ وأتوقع والعالم الله أن كلمة ذو وذي استبدلت بأبي وأبا وأم لأن كثير من الأماكن تعرف بما يتميز به المكان مثل: أبا رواث وادي كثير فيه عشبة الروثة أبوعجرم مكان يكثر فيه شجر العجرم وعلى ما أظن هو حمض للإبل أم رجوم قارة تكثر فيها الرجوم أم أوعال لكثرة الوعول بها قديما أم الريلان لكثرة النعام بها وقس على ذلك نلتقي على المحبة الأربعاء المقبل إن شاء الله