نتداول دائماً معلومات صحية شعبوية لا علاقة لها بالصحة عن النوم وعن الاستيقاظ وعن طريقة إدارة الحياة، وعن الأطفال، وعن الآخر، رغم أن هذه المعلومات قد يتحدث بها شخص متعلم ولكنه ليس واعياً.. فالمتعارف عليه في المجتمعات البسيطة والعوام من الناس عندما تسمعه يذهلك، وبالذات عن الأمور الصحية وكيفية العلاج والتعاطي مع المرض، خاصة أن البداية تكون في طرح السبب الرئيسي وهو العين رغم أنه مرض جسدي ومعروف ويحتاج إلى العلاج الطبي، ولكن مع العلاج الطبي تكون هناك جلسات الشيوخ والعلاج الآخر لدفع العين عن المريض رغم أنه يتدهور صحياً كونه أهمل علاجه الحقيقي.. يزداد المرض وقسوته والسبب هنا الطريقة الخاطئة في العلاج وعدم مكافحة المرض الذي يسري في الجسم طبياً والركض خلف الأمور الهلامية المرتبطة بالطب الشعبي والبديل وهو ليس بديلاً في أغلب الأحيان عن العلاج..! منذ أيام زارتني مجموعة من الصديقات، وعند صب القهوة امتنعت الأربع عن تناولها؛ واحدة بحجة أنها تركت شرب القهوة نهائياً لأنها تتعب معدتها، والباقيات رفضن بحجة أن فنجان القهوة البن الذي لا يتجاوز 4 رشفات سوف يحرمهن من النوم وسيدفع بهن إلى مسار السهر، وغداً يوم عمل، رغم أن الساعة لم تتجاوز التاسعة مساءً.. علقت وأنا أترك ترمس القهوة على الطاولة بأن الوقت لا يزال مبكراً جداً على النوم وفنجان قهوة واحد من الصعب أن يحمل النوم معه.. ودار الحديث حول النوم وذهنية التفكير فيه من خلال تغذية العقل بأن هذا الفنجان من القهوة هو السبب رغم أنني من النوع الذي يشرب قهوة حتى قبل النوم بقليل، وبالذات القشر الخفيف على المعدة ونومي طبيعي.. لكن في بعض الليالي يغيب النوم تماماً دون أن أشرب القهوة.. وبدون مسببات لأنني تعودت ألا أربط القهوة أو الشاي بالأرق..! هذا الرابط عند البعض بين الأرق والقهوة.. لا يختلف عن الرابط بين المكان المهيأ للنوم والمكان الذي يعتقد البعض أنه يطرد النوم.. ففي البيت الواحد تجد شخصا لا ينام إلا والمكيف يعمل، وآخر ينام بدونه، وشخص يربط نومه بتهيئة المكان مثل أن تكون الغرفة مظلمة ولا يوجد صوت مزعج والباب مغلق.. وآخر من الممكن أن ينام في أي مكان على الكرسي في الطائرة.. على كنبة المنزل وعلى السرير وسط ضجيج كامل وأضواء مزعجة وتسمعه يشخر ولا تملك أن تقول سوى "الله يعطيه الصحة والعافية"..!! وستجد الآخر الذي يسبح في سريره وسط الظلام والهدوء متيقظاً مقاتلاً الأرق باحثاً عن النوم الذي غادر ولم يستطع أن يمسك به..! وستجد أيضاً في المنزل الواحد من ينام ونطلق عليه نوم أهل الكهف.. باب يفتح لا يستيقظ.. صوت عال.. تناديه لا يسمع.. وهو ما نطلق عليه أن نومه ثقيل جداً ومن الصعب إيقاظه ولو أيقظته قام غاضباً ومتوتراً يصرخ وقد يعتدي على من أيقظه وبالذات لو كان صغيراً.. وآخر لو فتحت الباب فتحة لا تُسمع سوف يستيقظ وهو من نسميه نومه خفيف.. ونعتقد أنه الأفضل.. في دراسة أخيرة عن النوم أثبتت أن الأشخاص الذين نومهم ثقيل يكون مخهم نشطاً جداً أثناء النوم ومشغولاً بفعل العديد من المهام، هذا النشاط يمنع وصول الأصوات والأفعال التي توقظ أغلب الناس لهم مما يجعل نومهم ثقيلاً بالفعل..!! من هذه الدراسة يبدو أن من ينامون نوماً ثقيلاً يغلبوننا ليس بالنوم فقط، ولكن بالتفكير أثناء النوم..!!