إن النوم يتغير مع التقدم في العمر، حيث يصبح نوم الشخص المسن اقل، وكذلك اقل عمقاً ومتقطعاً بصورة ملحوظة، ويلاحظ تقريباً ان نصف المسنين يعانون من اضطرابات في النوم بصورة مزعجة في كثير من الأحيان يكون هذا الأرق والاضطرابات الأخرى في النوم نتيجة لامراض عضوية. لا أنسى ابداً المقابلة التي اجراها الصحفي الكبير الدكتور عبدالله مناع مع فضيلة الشيخ علي الطنطاوي في أواخر ايامه عندما كان قعيداً على سرير المريض بعد ان انهكته الشيخوخة. وتحدث معه الدكتور عبدالله مناع عن ما يعانيه الآن فكان جوابه: قتلني الأرق وقلة النوم.. لا أنام منذ عدة ليال زارني الدكتور باسل الخضراء منذ بضعة ايام واعطاني حبوبا للنوم، ساعدتني كي انام.. ليتكم تقولون له يحضر لي من هذه الحبوب فقلة النوم والأرق هي اشد ما أعاني في هذه الفترة..! وهذه حقيقة وتعبير بليغ من الشيخ الفاضل رحمه الله. كنت ارى سيدة مسنة تجاوزت السبعين عاماً، وكان شكواها الأرق وعدم النوم، وكانت من اسرة ثرية جداً، ولهذه السيدة مركز مرموق اجتماعياً، وطلبوني كي اعودها في منزلها بسبب الأرق الذي تعاني منه، رغم انها تستخدم ادوية كثيرة للنوم ولكن بدون فائدة، خاصة انها ايضاً تعاني من امراض عضوية متعددة. وحين رأيت الأدوية التي تتناولها انتابني الهلع، فقد كانت على أدوية متعددة منومة ومهدئة من داخل وخارج المملكة، وتتعاطاها بجرعات جيدة، وحين تحدثت معها وكان برفقتها طبيبها الخاص، قالت لي: اريد ان انام.. خذ كل ما املك مقابل ان تجعلني انام نوماً عميقاً، فمند سنوات وانا على هذه الحال، انني اكاد اجن من قلة النوم..! وحقيقة لم استطع اضافة أي أدوية اخرى لما تتعاطاه حيث ان ذلك قد يؤدي الى مضاعفات قد لا تحمد عقباها..! فشرحت لها وجهة نظري، ولكنها كانت تأمل أن احمل معي ادوية اخرى كي تساعدها على النوم وعندما اعتذرت.. قالت بكل يأس: يا جماعة دبروني.. ذبحني الأرق وقلة النوم..!! هناك عينات كثيرة من هذه الأمثلة لكبار في السن لا ينامون، وحتى اذا ناموا فنومهم نوم القلق.. الذي يستيقظ عند أي حركة، ويصعب عليه العودة مرة اخرى للنوم. بمقارنة الشباب من الجنسين تبين ان الشباب ينامون بصورة جيدة ولفترة طويلة وكذلك فإن الشباب ينامون بصورة اسرع من كبار السن، فالأرق لديهم (أي الشباب) أقل كثيراً من كبار السن الذين يستغرقون وقتاً طويلة قبل ان يستغرقوا في النوم. وكذلك نومهم متقطع وغير عميق. والشكل المرفق مع الموضوع يوضح الفرق في النوم عند الشباب وكبار السن. إن هذه التغيرات ربما تحدث ايضاً بسبب استخدام كبار السن لأدوية بسبب تعدد الامراض العضوية عندهم، وبعض هذه الادوية يسبب الارق اضافة على التطور الطبيعي لاضطراب النوم عند كبار السن. ويعتبر الأرق (الدخول الى النوم) هو المشكلة الأكثر انتشاراً بين كبار السن، ثم يلي ذلك الاستمرار في النوم، حيث يعانون من تقطع في النوم، وعدم القدرة على العودة الى النوم مرة اخرى. الاستيقاظ المبكر قبل الوقت الذي تعود فيه الشخص الاستيقاظ، لذلك تجد ان اكثر المسنين يستيقظون في وقت مبكر، احياناً قبل الفجر أو ربما في ساعات الصباح الأولى ثم لا يستطيعون النوم مرة اخرى مما يصيبهم بالاحباط. عند كبار السن ايضاً الاضطرابات النفسية والعضوية لها دور كبير في اضطرابات النوم. فكثير من كبار السن يعانون من امراض عضوية مثل الروماتيزم مما يسبب لهم الآم تمنعهم من النوم، ويعانون من مشاكل في التنفس مثل الربو، وهذا يجعلهم لا ينامون بارتياح. التنبيه على المرضى الذين يستخدمون ادوية تسبب الارق مثل بعض الادوية التي تعالج ارتفاع ضغط الدم، وكذلك بعض الأدوية المنبهة للجهاز العصبي بكافة انواعها. ان اضطرابات النوم بالنسبة لكبار السن امر هام ويجعلهم يعيشون في ضيق وضنك ويفتقدون الحياة المريحة. لذلك يجب عليهم ان يراجعوا طبيب متخصص كي يتم علاجهم، لأن علاجهم يتطلب الموازنة بين الأدوية التي تساعدهم على النوم، وكذلك عدم التعارض بين الأدوية التي يتعاطونها من اجل امراض عضوية.