صدرت حديثًا عن دار كلمات، الطبعة الثانية من مجموعة المختارات المترجمة "عن السفر إلى أماكن جميلة"، وتضم المجموعة ثلاثة شعراء من مدارس وأشكال كتابية مختلفة، يحتوي الفصل الأولى على حوار مطول مع الشاعر الأمريكي تشارلز بوكوفسكي أجرته الصحفية الإيطالية فيرناندا بيڤانو، والتي سافرت من إيطاليا إلى كاليفورنيا خصيصًا لرؤية بوكوفسكي. لقد كان بوكوفسكي يثير ضجة كبيرة في أوروبا بشكل عام، لم يكن يستطيع المشي في الشارع من كثرة المعجبين، وكأنه أحد نجوم الروك، وفي المقابل لم يكن يحظى بذات الشهرة في أمريكا، يتحدث بوكوفسكي وبيڤانو عن هذه النقطة في الحوار، ويتحدثان أيضًا عن العديد من القضايا المهمة، النسوية، الكتابة، القنبلة الذرية، وأشياء أخرى مثيرة للاهتمام. ويحتوي الفصل الثاني من الكتاب على مجموعة مختارة من قصائد الشاعر الروماني مارين سوريسكو، كان مارين سوريسكو شاعرًا، مسرحيًا، كاتب مقالات، ومترجمًا، ترجمت أعماله إلى أكثر من (20) لغة، ووصلت كتبه إلى أكثر من (60) كتابًا، وقد عرف عنه أيضًا أنه كان يرسم، وأقام عدة معارض فنية في رومانيا وخارجها، وكان وزيرًا للثقافة في رومانيا خلال فترة من حياته دون أن ينتمي إلى أي حزب سياسي، بعد الثورة الرومانية سنة 1989م. ولد مارين سوريسكو لعائلة تعمل في المزارع، تخرج من المرحلة المتوسطة في قريته الصغيرة، ثم انتقل إلى مدرسة بوزيستي الثانوية في كرايوڤا، والتحق بعدها بالجامعة ليحصل على شهادة في اللغات الحديثة، وعند حديثه عن كتابته يقول بسخرية: "تمامًا مثل عدم قدرتي على ترك التدخين، لأنني لا أدخن من الأساس، فأنا لا أستطيع ترك الكتابة، لأنني لا أملك الموهبة للكتابة". كان لتفضيله لأسلوب السخرية على أسلوب المواجهة السبب في السماح له بالنشر بحرية وكثرة، وكانت أغلب أعماله ذكية بالقدر الكافي الذي يسمح لها بالوصول والمرور عبر التقليد الروماني والظروف السياسية المحيطة، وبالرغم من منع إحدى مسرحياته من العرض، إلا أنه يعتبر أحد أكثر الشعراء والكتّاب حضورًا وقبولًا في رومانيا. أما الفصل الثالث من الكتاب فهو مصدر عنوان الكتاب "عن السفر إلى أماكن جميلة"، وهو مخصص لقصائد شاعرة الطبيعة الأمريكية ماري أوليڤر، وهي الدليل الأمثل للعالم الطبيعي، لديها قوة سحرية تمكّنها دائمًا من اكتشاف أسرار الطبيعة باستمرار، تنشغل أوليڤر في أغلب الأحيان في التركيز على الحدوث الهادئ للطبيعة، حياة الطائر المحاكي، طريقة وقوف البومة، انحناء الأشجار باتجاه بعضها. ولطالما وقفت أوليڤر بثقة كاملة على حواف الأشياء، على الحدود بين الأرض والسماء، فازت أوليڤر بالعديد من الجوائز نظير أعمالها الشعرية كجائزة الپوليتزر الشهيرة، وجائزة الكتاب الوطني في أمريكا، وولدت ماري أوليڤر سنة 1935م في أوهايو بالولايات المتحدةالأمريكية. تمت مقارنتها بالشاعرة الشهيرة إيميلي ديكنسون، والتي تشاركت معها في صفات العزلة والحوار الداخلي المستمر مع النفس، ويدمج شعر ماري أوليڤر البحث المظلم داخل الذات بالبهجة للقاء العالم الخارجي، وهذه صفة نادرة تميز كل كتاباتها لا نراها في أي مكان آخر، وكما وصفتها مجلة هارفرد في أحد أعدادها: "إنها شاعرة الحكمة والرحمة، تسمح لنا كلماتها بالسفر إلى عالم ليس من صنعنا، وتسمح لنا بالسفر إلى أماكن جميلة".