محمد سليمان المعجل تجلت ظاهرة الكرم عند العرب في حاتم الطائي منذ القرن السادس الميلادي عندما نحر فرسه لضيفه ليس بسبب ضيق اليد وانما لبعد القطيع عنه في المرعى ومن بعدها والعرب تنحر الخرفان لكل ضيف وعابر طريق بشكل مفرط وباسراف الى يومنا هذا. الكرم ليس معناه الإسراف في الطعام وإنما الكرم في الإسلام مفهوم خلقي وسلوك ومنهج كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " فكرم الخلق يعني عموم الأفعال التي تصدر من النفس محمودة أو مذمومة. والمكارم فعل الكرم فعلك للكرم اسمه مكرمة واسم الجنس له مكارم. فالكرم في اللغة هو الفعل الذي يحمده ويمدحه الناس. خلاصة المكارم هي الأفعال المحمودة الممدوحة رغم أن مفهوم الكرم في الإسلام هو كل ما يتضمن من أنواع الخير والشرف والجود والعطاء والإنفاق وليس إبادة قطيع من الأغنام والإبل لإكرام الضيف أن تبذير الطعام في اقامة الولائم أصبح عادة خاطئة. على قدر الموجود فالمثل العربي الاقتصادي (الجود من الموجود) يكفل اكرام الضيف على قدر الحاجة وبدون إسراف. قال تعالى( إن الله لا يحب المسرفين) صفة الإسراف والتباهي بالكرم صفة مذمومة وغير محمودة كونها تعد من أسباب زوال النعم ومبالغة في الكرم واهدار المال في غير محله وللأسف ظهرت لدينا فئات استغلت التقنية في أظهار الكرم والتباهي بطريقة غير لائقة عكست صورة سلبية أضحكت العالم على المجتمع المسلم رغم من يقوم بهذه الأفعال فئة قليلة ويجب تثقيف المجتمع من خلال برامج توعوية تخرجهم من حرج اكرام الضيف تحمل المضيف ديونا لاطاقه له بها. فنحن وفي الوقت الحالي أحوج إلى تقنين المصروفات وجدولتها بما يتناسب مع الايرادات فالمال الذي يصرف في غير محله لن يعود اليك فالانصياع خلف الدعايات ومتابعة كل جديد يسبب الكثير من استزاف المال ويضع دخل الأسره في مشاكل لا تحمد عقباها. يجب أن نخرج من عباءة الإسراف إلى التوفير وترشيد الاستهلاك وتغيير نمط الحياة المعتاد بإقامة حفلات الزواج وما شابهها إلى إلغاء بعض منها والاستفادة من تجارب الآخرين في بعض الدول تغير نمط الحياة برتم بسيط يتعايش به على قدر الحاجة. هذه العادة الخاطئة من الصعب مشاهدة الخطأ وتجاوزه ليست دعوة للتمرد والتخلص من هذه العادة لكن ما نراه ليس فعلا محمودا فمسؤولية كل فرد مكافحة العادات السيئة والمستنكرة في الدين الاسلامي ولا بد أن نحتفظ بالجيد من عاداتنا ونلفظ الذميم لأن ضرها أكثر من نفعها. فنحن نمر بدورة اقتصادية قاسية يجب أن نتقبلها ونتعايش معها شئنا أم أبينا.