إبراهيم حسن حسن أن يؤكد مهرجان بيت الشعر على حضور القصيدة النثرية من خلال اختيارات لجنة تحكيم جائزة بيت الشعر للكتاب الأول، والتي أعلنت عن فوز ثلاثة أصوات شعرية شبابية مشتغلة على القصيدة الحديثة، وهي: أحمد الصحيح من الأحساء في المركز الأول عن مخطوطته "فتحتُ البابَ فانهالَ عليَّ العالم"، بينما جاءت في المركز الثاني أبرار سعيد من القطيف عن مخطوطتها "ليس ليدِي أن تتكلّم"، وكان المركز الثالث من نصيب الشاعر إبراهيم حسن من جازان عن مخطوطته "العائد من وجهه". المهرجان الذي تنظمه جمعية الثقافة والفنون بالدمام، ويستعد لدورته الثانية (22 ديسمبر المقبل)، كان قد أثار في الدورة الأولى نقاشا حول المزاج الشعري السائد فيه، والذي ينحاز لقصيدة النثر (ضيوفا ومشاركين) على حساب الأشكال الشعرية الأخرى كالتفعيلة والعمود لتأتي الجائزة لترسخ هذا التوجه الذي قد يقوم بالوظيفة التي تقوم بها الجوائز عادةً: "توجيه الشعراء باتجاه الوعي الحديث للقصيدة"، وهو ما يمكن أن ينظر إليه على أنه دعم جاد للذائقة الحديثة للشعر. غير بيان لجنة التحكيم المكوّنة من الشاعرين والناقدين السعوديين عبدالله السفر ومحمد الحرز، لم يتضمن على ذلك التوصيف المرجو لأسباب اختيار هذه الأسماء، حيث تضمن بيان اللجنة، توصيفا لغويا فائضا، كأن نقرأ عبارات من نوع: " كما لو كنا نربّي أشجارا في نومنا لنصحو على سقوط ثمارها. كما لو كنّا الدهشةَ أمام نفسها، البياض خلف بياضه، الموسيقى ما قبل مستمعيها وما بعدهم". لتتذرع لجنة التحكيم بالقول: " لم يكن دخولنا إلى نصوص هذه التجارب على وقع خطوات المعيارية النقدية الصارمة، بل كان الحبُّ هو ما يغذّي نظرتنا، والخبرةُ الجمالية التي ندّعيها". ليضيف بيان اللجنة: " إنّ تربية النصوص ونموّها لا يكون سوى بالحب!. وبالحب تأتي مياه الشعر إلى قلوبنا" وكأن الحب تحول إلى منظار نقدي لتبرير فوز هذه المجموعة أو تلك". أما عن رأي اللجنة المفصل في الفائزين، كل على حدةٍ، فنقرأ فيه من ذات المنوال: " القصيدة التي يكتبها الشاعر الشاب أحمد الصحيح تخلو من الأمواج الهائجة التي تضرب السفن في وسط البحر، ومن الأخطار التي تخلّفها على حياة المسافرين. من دوار البحر ومن آثاره على الجسد. قصيدتُهُ نهرُ صافٍ، ومن فَرْطِ صفائه لا يرى سوى نفسه". هذا التغزل الشعري الذي يضع لجنة التحكيم في ورطة التخلف عن الافصاح بالسبب الفني لفوز أحمد الصحيح، يتكرس أكثر عند الحديث عن سبب فوز أبرار سعيد بالمركز الثاني، إذ تعلن اللجنة: "أبرار سعيد لا تكتفي بالقصيدة كي نقول إنّها صوتٌ شعري في مقتبل العمر وحسب. إنما هي تكتب عنفوانَها أيضا، وما بين الرغبةِ في الانهمار من جهةٍ، والعنفوان من جهة أخرى تأتي قصيدتُها بوصفِها صرخةً مسرودةً بعنف المخيّلة، حين تخرج من فوّهة القلب إلى بياض الورقة". مع إبراهيم حسن الفائز بمخطوطته "العائد من وجهه"، نقرأ تعابير جديدة، وكأن اللجنة كتبت قصيدة موازية: "حين تكون القصيدة بيتَ الشاعر، مسكنَهُ الوحيد وملاذَه أيضا يكون على الشاعر أن يضعَ عينيه بَدَلَ النافذة، يديه بدلَ الباب، أحاسيسه على السقف، قدميه على العتبة". وأخيرا، ماذا لو اقتصرت لجنة التحكيم في بيانها على عبارات فنية قصيرة، تؤكد أهمية هذه المخطوطة أو تلك لا أن تنقد بالحب كما أشارت، فتقع في موقع الشاعر الذي تقدم للمسابقة.. وليس لجنة تحكيم الكتاب الشعري الفائز. أحمد الصحيح أبرار سعيد