أعلنت لجنة التحكيم لجائزة بيت الشعر للكتاب الأول الذي تنظمه جمعية الثقافة والفنون في الدمام، أسماء الفائزين بالمراكز الثلاثة المتقدمة للجائزة من أصل ثلاث عشرة مخطوطة شعرية مشارِكة تم استلامها حتى السابع عشر من سبتمبر الماضي. وقد حصد المركز الأول الشاعر أحمد الصحيح من الأحساء عن مخطوطته «فتحتُ البابَ فانهالَ عليَّ العالم»، بينما جاءت في المركز الثاني الشاعرة أبرار سعيد من القطيف عن مخطوطتها «ليس ليدِي أن تتكلّم»، وكان المركز الثالث من نصيب الشاعر إبراهيم حسن من جازان عن مخطوطته «العائد من وجهه». كان ذلك في بيان لجنة التحكيم المكوّنة من الشاعرين والناقدين السعوديين عبدالله السفر ومحمد الحرز والذي نوهت فيه لدور جمعية الثقافة والفنون وجهد القائمين عليها، عبر اهتمامهم بالحركة الإبداعية في المملكة في شتّى صورها، وابتكار كلّ ما هو جديد للدفع بهذه الحركة إلى ما هو أجمل وما هو أبهى. الشعراء الفائزون الثلاثة سيشاركون في مهرجان بيت الشعر الثاني الذي سينطلق في 22 - 25 ديسمبر هذا العام، بجوار نخبة من الشعراء السعوديين والعرب، حيث سيلقون نصوصهم، وسيوقعون إصداراتهم الشعرية الفائزة التي سيقوم المهرجان بطباعتها تزامنا مع انطلاقه. يذكر أن هذه الجائزة أطلقها بيت الشعر في جمعية الثقافة والفنون في الدمام في يوليو الماضي، وهي مخصصة للشعراء الشباب، كنافذة يفتحها لهم بيت الشعر في الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالدمام ليقدموا عبرها أفضل التجارب الشعرية التي تحمل تجربة فنية متميّزة ذات مضامين شعرية عميقة. وكان رأي لجنة التحكيم المفصّل في تجربة الفائزين الثلاثة على النحو التالي، في «المركز الأول» حل أحمد الصحيح بمخطوطته «فتحتُ البابَ فانهالَ عليَّ العالم»، القصيدة التي تخلو من الأمواج الهائجة لتضرب السفن في وسط البحر، لتخلف أخطارا على حياة المسافرين، قصيدتُهُ نهرُ صافٍ، ومن فَرْطِ صفائه لا يرى سوى نفسه. يأخذه من الينبوع إلى الينبوع، ولا يدع الصفاء يتعكّر بالملح الزائد. قصيدته نهر لا تسمع في تعرجاته صخب الارتطام بالصخور، لا تسمع سوى ما يتحدث به القاع عن الزرقة في الأعماق. والسرُّ وراء ذلك كله هو الوعي الذي يكمن خلف أبواب القصيدة ليس الوعي المثقل بالمعرفة والثقافة، وانطلاقا من هذا الوعي، وسماته التي تتفرد بها قصيدته عن بعض مجايليه بوصفها نضوجا في الكتابة الحديثة، ارتأت اللجنة أن يذهب صوتها إلى أحمد الصحيح، وإلى مخطوطته «فتحتُ البابَ فانهالَ عليَّ العالم» ليفوز بالمركز الأول. اما «المركز الثاني» والذي حصدته أبرار سعيد بمخطوطتها «ليس ليدِي أن تتكلّم» قالت اللجنة: «أبرار سعيد لا تكتفي بالقصيدة كي نقول إنّها صوتٌ شعري في مقتبل العمر وحسب، إنما هي تكتب عنفوانَها أيضا، وما بين الرغبةِ في الانهمار من جهةٍ، والعنفوان من جهة أخرى تأتي قصيدتُها بوصفِها صرخةً مسرودةً بعنف المخيّلة، حين تخرج من فوّهة القلب إلى بياض الورقة، وكأن ما لا يخرج أيضا هو اندفاعةٌ مؤجّلة؛ هو الألماسُ الذي يلمعُ في الجوف، ولا ينتظر سوى حرارةِ الأحاسيس كي يفور. لذلك دائما ما تكون قصيدة أبرار على الحافّة، لا لتقع، بل لترى نفسها في عمق الهاوية، وفي عمق السقوط، وهذه لحظةٌ شعريّة ٌبامتياز تجيد أبرار لَعِبَها. لأجل هذه اللحظة، وتلك الإجادة، وما بينهما من انهمارٍ والتماعٍ؛ ذهب صوت اللجنة إلى أبرار سعيد، وإلى مخطوطتها لتفوز بالمركز الثاني». وذكرت اللجنة عن المركز الثالث لإبراهيم حسن بمخطوطته «العائد من وجهه»: «حين تكون القصيدة بيتَ الشاعر، مسكنَهُ الوحيد وملاذَه أيضا يكون على الشاعر أن يضعَ عينيه بَدَلَ النافذة، يديه بدلَ الباب، أحاسيسه على السقف، قدميه على العتبة، هكذا يحاول إبراهيم حسن أن يكتبَ قصيدتَه، وهو فيما يحاول نراه يوسّع من مساحاتِ البيت باستحضارِ الذاكرةِ إزاءَ واقعِه» وأضافت اللجنة: «يدفع إبراهيم حسن باللغة مثلَ عربةٍ في جميع الاتّجاهات حتى لا يفلتَ من يديه خيطُ الاستحضار، لذا تصنعُ قصيدتُهُ فجواتٍ عادةً ما تكون مخابئَ سريّةً يستريح فيها الشاعر من عناء الاستحضار. التفكير في القصيدة من الداخل هو ما تعملُ عليه تلك الفجوات عند الشاعر. لذلك لا شيءَ يحفّز القصيدةَ على قول ما لا يمكنُ قولُه خارجَها سوى ما تتركه هذه الفجواتُ من آثارٍ ملهمة على الشاعر. وعليه ارتأت اللجنة أن يذهب صوتها إلى إبراهيم حسن، بمخطوطته (العائد من وجهه) ليفوز بالمركز الثالث».