عندما دخل شيمون الغيبوبة أدركت بأن حياة السياسي العجوز قد انتهت، وحتى لو تبقى له من العمر شيء فسيكون أسير الشيخوخة والمرض بعد أن كان شعلة من النشاط حتى بعد تجاوزه التسعين وهو ينصح أعضاء الكنيست بشرب عصير البرتقال والابتعاد عن اللحوم الحمراء وألا يستسلموا للسمنة والكباب مثل آريل شارون. تأسيس إسرائيل قاده ابن غورين وغولدا مائير، وتاريخ إسرائيل العسكري قاده رابين وشارون، أما تاريخها السياسي فقاده بيريز من التأسيس حتى الشهر الماضي، وقد تكون أبرز محطة في حياته هي إقناعه حكومتي فرنسا وبريطانيا الدخول في حرب السويس عام 56م عندما كان في منصب يعادل وزير الدفاع حالياً، ونتج عن ذلك حرب السويس الشهيرة والعدوان على مصر وقتذاك. بعد ذلك زاد حضوره في أغلب حكومات إسرائيل برغم خسائره المتتالية في الانتخابات بوجه بيغن وإسحاق شامير ونتنياهو؛ لكنه شارك في أغلب حكومات من هزموه، وكذلك من تحالف معه مثل رابين وباراك، وهذا يعكس الإصرار في شخصيته والعناد وأيضاً احتياج الدولة العبرية له كشخص لديه القدرة على تسويق وجهة النظر الإسرائيلية لدى الغرب وسفك الدماء وتضيع حقوق الشعب الشقيق الفلسطيني تحت غطاء الأمن الإسرائيلي مثل أحداث قانا وبناء المستوطنات الإسرائيلية في قلب الضفة الغربية خلال السبعينيات الميلادية وما تبعها. لا شك أبداً بأنه كان مخلصاً لوطنه، وكذلك مناضلاً في الإجرام وهو يعترف بجرائم قائمة (غولدا مائير) واغتيالهم لشخصيات بالخطأ وشخصيات يستبعد قيامها بأي كفاح مسلح مثل الفنان الأديب غسان كنفاني -رحمه الله- أحد أجمل الأقلام التي كتبت بلغة الضاد وصفاها بكل دم بارد بيريز، ومن الإجرام العسكري إلى الإجرام السياسي بتبديد أغلب محاولات السلام.. ومن المفارقات أن يفوز مع رابين وعرفات بنوبل للسلام، وهذه تعكس شخصيته في قدرته على الخداع والإقناع وهو ما جعل أغلب رؤساء حكومات إسرائيل يستدعونه كوزير للخارجية حتى بعد تجاوزه الثمانين. قد يكون أهم كتبه (ستون عاماً على الصراع في الشرق الأوسط) والذي كتبه مشاركة مع بطرس غالي، رجل عنيد ونشيط وماهر في الإقناع والتفاوض، وسمعته يتكلم الانجليزية والفرنسية بطلاقة، كان مناضلاً من أجل الإجرام، وبرغم دقة تغذيته هزمه شامير في الانتخابات وسباق العمر فلا يزال شامير حيّا و هو يقارب المئة عام.