أبدأ بالتنويه عن معلومة ربما غَفِلَ عنها البعض وهي الاعتقاد بحتمية وجود جواب لكل سؤال وهذا الأمر غير منطقي إذ ليس بالضرورة أن تنتهي الحكاية بجواب شافٍ واف للتساؤلات بل الأفضل من وجهة نظري أن تكون النهايات مفتوحة ويتاح مساحة للمتلقي كي يفكّر بنفسه عن إجابات أو بعبارة أُخرى نهايات يضعها هو بنفسه أو استيلاد أسئلة جديدة، وهذه إحدى طرائق الحث على التفكير. يستنكر بعض القرّاء علينا ككتاب بأننا نُثير قضايا ولا نأتي بحلول بمعنى نطرح أسئلة دون الإجابة عنها. يريدون المقال على شاكلة "أنت تسأل ونحن نجيب" وهذا في رأيي استهانة بعقل المتلقي واستلاب لحقه في التفكير وتعدد الآراء. صحيح أننا (كتاب رأي) نلتقط الموضوع أو الفكرة ونفككها ثم نعيد تركيبها وبعدها نبتكر أسئلة نُشرك فيها المتلقي كي نفكّر جميعا بالإجابات (الحلول) لكننا لا نفرض رأياً أو ندّعي امتلاك الحقيقة حتى نُجيب عن كل سؤال. إن طرح السؤال يُسهّل المهمة في البحث عن جواب فلو لم يكن السؤال لم يوجد موضوع أصلا. حتى إن المخترعين أنفسهم بدأوا مشروعات اختراعاتهم بأسئلة ثم سعوا هم أو سعى غيرهم للإجابة عنها. يُشير الفيلسوف الفرنسي جاستون باشلار (1962-1884) في كتاب جماليات الصورة (منشورات التنوير) الى أن العقل حين يصبح محبا لما يُؤكّد معرفته أكثر مما يناقضها، محبا للأجوبة أكثر من الأسئلة عندئذٍ يتوقف التطور الروحاني للعلم. وفي نفس المعنى (حسب ذات المصدر) يقول عالم الاجتماع كلود ليفي ستروس (2009-1908) "سوف تكون هناك دائما فجوة بين الإجابة التي يكون العلم قادرا على إعطائها لنا، وبين السؤال الجديد الذي سوف تثيره هذه الإجابة" قد لا يتوقف أي موضوع نقاش على جوابٍ لسؤال فمن الجواب قد تتوالد أسئلة جديدة وهكذا. في المحكي المحلّي نسأل: "وش عندك" أي ما هو الموضوع الذي أتيت من أجله أو تود الحديث عنه؟ وبهذا نكون قد اختصرنا على الطرف الآخر قول ما لديه ورفعنا عنه الحرج ليتدفق في الكلام. باختصار أقول إن طرح الأسئلة أكثر صعوبة من الإجابة عنها، فلنطرح المزيد من الأسئلة ولا حرج في ذلك. [email protected]