رغم أنها لم تحظ بالاحتفاء الإعلامي اللائق، إلا أن القرارت الصادرة الأسبوع الماضي من رفع وتشديد عقوبات (بعض) المخالفات المرورية تعتبر حدثاً مهماً جداً كنا ننتظره منذ زمن طويل. ورغم أهمية القرارات التي سنت والتي كان من بينها رفع قيم المخالفات المرورية، إلا أنها مشت بنا إلى منتصف الطريق ولم تكمله. ومنتصف الطريق خير من بدايته على أية حال. العقوبات شملت "التفحيط" وقطع الإشارة وهما، بلا شك، المخالفتان الأخطر بين المخالفات المرورية. إلا أننا كنا نتمنى أن يكون الالتفات للمرور ومشكلاته التي أصبحت شغلنا اليومي الشاغل، أشمل وأكبر من تغليظ عقوبة مخالفتين أو ثلاث.. كنا نطمح في إعادة هيكلة لهذا القطاع الحاضر الغائب أو دعمه بشركة وطنية تحمل عنه عبء ضبط المخالفات. كان المأمول فرض عقوبات أقسى على السرعة الجنونية التي يمارسها إرهابيو الشوارع. أولئك الذين ينطلقون بسياراتهم مثل الصواريخ غير عابئين بالسيارات الأخرى التي تحمل أطفالاً ونساء وأرواحاً بريئة. كنا ننتظر صرامة مع مستخدمي الجوال أثناء القيادة. تلك المخالفة التي تمثل أكثر من 78% من أسباب الحوادث لدينا والتي أدت إلى رفع بوليصات التأمين 400% عن أسعارها في الأعوام الماضية ناهيك عن هدر المليارات من الريالات. كنا نأمل في الالتفات إلى مخالفات الوقوف الخاطئ التي أغرقت شوارعنا بالفوضى حيث يرمي السائقون سياراتهم كيفما اتفق وأينما أرادوا حتى أصبح المظهر الفوضوي لتكدس السيارات أمام المطاعم والمحلات أمراً عادياً ومستساغاً وجزءاً من ثقافتنا المرورية ولم نعد نرى بشاعته إلا حينما ينبهنا له الزائر لبلادنا من الخارج. كنا نأمل وننتظر ونطالب بتشديد العقوبات الى أقصى حد لإعادة الأمان والنظام لشوارعنا. وإذا كانت المخالفة خروجاً عن القانون والحد منها يحفظ الأرواح والممتلكات، فلا أعلم حقيقة ماهو المبرر وراء التريث في فرض أقسى العقوبات على المخالفين الذين يصرون على ارتكاب حماقات لا يتوقف ضررها عليهم فقط، بل يتعداها لأرواح الآخرين الأبرياء. وأخيراً، مهما كانت صرامة العقوبات التي يسنها المرور فستبقى دون فائدة مالم تعزز بصرامة التطبيق والتزام رجال المرور بملاحقة المخالفين وعدم التهاون معهم بأي ذريعة كانت. إذ أن وجود القانون وغياب تطبيقه هو أشبه بالفزاعة التي تعرف الطيور أنها لا تتحرك! [email protected]