رؤية الشباب من الجنسين يتسكعون ليلياً خلال هذه العطلة الصيفية الطويلة في مراكز التسوق والمقاهي تعني أنهم في حالة فراغ نفسي، ولا همّ لهم إلا قتل الوقت والتفكير في ماذا يأكلون، وأين يأكلون؟ وماذا يشترون؟ وبمن يلتقون؟ وما هو الجديد في الأسواق؟ فالروتين اليومي لحياتهم محصور في الغالب في مثل هذه العادات الاستهلاكية، وفي الإدمان على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وكأنه ليس هناك ما يمتعهم غير ذلك، وهو أمر مخجل أن يعيش هؤلاء الشباب في ممارسة أنشطة لا تفيد. صحيح أن الفضاءات محدودة ومجالات الأنشطة قليلة أمام الشباب والشابات، ولكن الاستسلام لهذا الوضع وجعله مبرراً للهروب وقضاء معظم ساعات النهار في النوم، والسهر ليلاً في الاستراحات -بالنسبة للشباب- يعني ضياع جزء كبير من وقتهم هدراً، بينما من الممكن تحسين الواقع في البحث عن شيء ملهم يمتعهم ويفيدهم ويتيح لهم فرص التفاعل مع الآخرين والتعرف على أشخاص جدد، وتجربة أشياء جديدة. إن الإحساس بالملل والفراغ شكوى تتردد في معظم البيوت من الكبار والصغار، ومع ذلك قليلاً ما يسأل عن ماهية الشعور بالملل وعن مسبباته وكيفية التعامل معه، وهذا ما يجعل الأشخاص يلجأون إلى ملء وقت الفراغ بأي شيء حتى ولو لم يجلب المتعة الحقيقية. الملل حالة نفسية ناجمة عن القلق وافتقاد الشعور بالأهمية والحماس لفعل أي شيء، وقد يكون سببه العجز عن إيجاد طرق تمتع الإنسان وتثير حماسه وتشبع حاجته إلى التقدير، وليس هناك طريقة أفضل من ممارسة الهوايات والأنشطة التي يمكن ممارستها بشكل منفرد أو بمشاركة أشخاص آخرين، ويمكن أن يبدأ الإنسان البحث عن الهواية المناسبة بوسائل عدة كأن يحاول تذكر الأنشطة أو الألعاب التي كان يحبها وهو صغير، ويسأل نفسه ما إذا كانت لا تزال تمتعه؟ مطلوب من هؤلاء الشباب أن يجعلوا من الملل الذي يصيبهم في العطل الطويلة محفزاً لهم على إحداث تغيير في حياتهم وفي علاقاتهم بالأشياء وبالأشخاص من حولهم، فالجلوس والتأمل يساعدهم على التفكير والتركيز ويجعلهم أكثر قدرة على توليد الأفكار، واستكشاف الحياة من مختلف الاتجاهات، وقد يثير التأمل شوقهم إلى تعلم شيء جديد، أو ممارسة رياضة مختلفة، أو كتابة قصة أو مذكرات، أو تعلم الرسم أو التلوين أو التصوير، أو اكتساب لغة جديدة، أو التدرب على العزف على آلة موسيقية، كما أن القراءة والبحث في الإنترنت عن مواقع هوايات ودروس عملية قد يوفر فرصاً لتعلم بعض الصناعات والأعمال الفنية وطرق طهي بعض الأكلات، وإصلاح الأعطال في المنزل وأشياء أخرى كثيرة. العطل الدراسية الطويلة يمكن أن تصبح فرصة للاستمتاع والتطور والإبداع إذا استغلت بالشكل الصحيح.