بكل شجاعة أعلن جهلي المطبق عن الجهة التي تحدد أسعار السلع والبضائع والمواد الغذائية والاستهلاكية، وأعتقد وقد أكون مخطئاً أن الأمر برمته متروك لمزاج وطموح التاجر دون سواه حيث يهتبل إن لم يكن (يستهبل) الفرصة ليقرر السعر الذي يجلب له أكبر قدر ممكن من الأرباح وبسرعة دوران فائقة لرأس المال المستثمر امتثالاً لقول الشاعر العربي الذي أدرك (اللعبة) مبكراً فقال: وأنتهز الفرصة لو مرت فربما طلبتها ففرّت والمستهلك كما نقول في مجتمعنا (يا غافل لك الله) ويقولها الصينيون بشكل آخر (الغافل يحفر بئراً عندما يعطش) ولابد أن الناس هنا قد قتلها غلاء الأسعار ولم يتبرع أحدهم لردم بئر الشره ومحاسبة الطامعين الجشعين تلك القطط السمان التي تزداد أوزانها على حساب (عرمشة) المستهلك المأكولة أكتافه للذي يعرف كيف يأكلها..!! دعونا نضرب الأمثال فقد تقرّب ماشرد من الأفكار فنقول هب أن تاجراً استورد بضاعة ما ولتكن أقلاماً على سبيل المثال وقد كلفه ثمن القلم الواحد واصلاً الى رف متجره ريالاً واحداً وباعه على الناس بخمسة ريالات فمن الذي قرر تسعيرة هذا القلم..؟؟ بل كيف تم حساب التكاليف ثم سعر البيع ونسبة هامش الربح..؟؟ أؤكد لكم بأن الأمر لن يخرج عن دوائر (الغافل) الذي يعتقد الانجليز بأنه يلجأ الى حانوت بيع المظلات أثناء تساقط المطر فالمستهلك وقبله الجهة المعنية بكامل غفلتهم يشترون ويستهلكون ولا يدرون بأنهم مضحوك عليهم من جيب الثوب الأيمن وصولاً للأيسر مروراً بجيب الصدر الذي ربما يحتوي على (فراطة) دراهم..! اليس المواطن كما يعتقد الباعة والعمال الآسيويون ومن في حكمهم (فيه واجد فلوس) فلماذا التدقيق في السعر والمفاضلة..؟ ما عليك الا اقرار الواقع والدفع ثم الدفع حتى آخر هللة في (مخباتك) ولا تسأل، اليس هذا هو الغبن بعينه...؟؟ يقولون عن ضرورة تحديد الاسعار وإلزام الباعة بتسعيرة تضعها الأجهزة المعنية إن في ذلك قتل لروح المنافسة والتجارة عندنا (حرة).. ياسلام ايش معنى هذا الإصرار على الحرية في هذه الجزئية فقط..؟؟ ثم يقولون وهم (يوشوشون) في آذاننا إن المنافسة المفتوحة هي الطريقة المثلى في تحديد الأسعار فدعوهم يشعلوا الحرب على الاسعار لصالحكم ايها المستهلكون (الأعزاء) إن الأهم هو من يضحك أخيراً فنقول هذا لو كان التجار أغبياء سذجاً إذ في حمى هذه الحرب قد يلجأ البعض منهم الى الغش في البضاعة أو على أقل تقدير تقليل الجودة بما يسمح بهامش ربحي جيد من مشتر (غافل) يعتقد بأن الغبن بالنسبة الى الثمن لا بالنسبة الى الجودة..!! الطامة الحقيقية توجد في منافذ بيع من (خلف الجدران) كما يقولون مثل بيع سلع معروفة الثمن في الأسواق بسعر يفوقه بعشرات المرات في تلك المنافذ وأخص بالذكر الفنادق حيث تضرب (الطاق مطبوق) دون حسيب أو رقيب، اليكم مثلاً لما أقول بين يدي الآن فاتورة الثلاجة أو ما يسمى (الميني بار) في أحد فنادق بلادي وسأنتقي عشوائياً بعض الأصناف وأسعارها ومحاولة مقارنتها بالاسعار في الاسواق: مياه شرب (قارورة صغيرة) السعر (4) ريالات وتباع في السوق بريال واحد، مياه غازية ماركة (...) السعر (10) ريالات وتباع في الأسواق بسعر ثلاثة ريالات، مشروب غازي معبأ محلياً السعر (6) ريالات ويباع في الأسواق بريال واحد، قالب حلوى (شوكولاته) السعر (8) ريالات ويباع في الأسواق بثلاثة ريالات.. الخ.. على فكرة هذه الاصناف سعرها في السوق على أساس الشراء المفرد وطبعاً تصبح أرخص بكثير حينما يشترونها بالجملة. ما علينا الآن هل عرفتم لماذا كنت على حق حينما أعلنت جهلي التام عن الجهة المسؤولة تلك التي يفترض فيها أن تحدد اسعار السلع وتراقب تطبيقها..؟؟ سألت بائعاً يوماً عن سعر جلد خروف (جاعد) يستخدم كمفرش على الأرض قال البائع مائة وخمسون ريالاً فقلت مدهوشاً (على وزن مدهوساً) والله لو كان جلد أسد يا أسد..!!!