لا تخلو صحيفة من مقال عن الحرية ولا يكاد ينفض مجلس دون التطرق إليها وهكذا الإنسان منذ خلقه وهو يلهث وراءها دون ان يظفر بها، فحرية الفكر والرأي وحرية المرأة وحرية المعتقد وتحرير الشعوب عناوين لمقالات شبه يومية بل هي شعارات تاريخية حملها الإنسان على عاتقه ليقاتل بها ولمن أجلها، فلنبدأ من فكرة تحرير الشعوب ترى كم من حرب قامت باسم الحرية ألم تستخدم الحرية شعاراً في آخر حروب هذا العصر! ألم يكتشف بعدها الشعب العراقي بأنه استبدل أو (استبدلت) العبودية بعبودية أخرى! أليست الحرية هنا هي عبودية وأنها ليست إلاّ اختيار بين عبوديتين كما يعرفا البعض! ومن فكرة تحرير الشعوب إلى حرية الرأي التي لا يمكن الحديث عن أي حرية أخرى ما لم تكن موجودة فطالما طالب بها المثقفون والمفكرون ولاموا وكالوا التهم إلى أنظمتهم وصوروا لنا ان الغرب بأنه راعي الحرية الأول ألم يصدر راعي الحرية في العالم (السيد بوش) قانوناً ينص على ملاحظة كل من يعادي السامية في العالم! ألم تتصنت الإدارة الأمريكية على اتصالات مواطنيها بحجة الدفاع عن أمنها ألم تمنع الكثير من التقارير الصحفية بحجة الحفاظ على مصالحها وأمنها القومي ألم تصدر بعض الدول الغربية أحكاماً بالسجن لمفكرين وكتاب شككوا ببعض الحوادث التاريخية أليست الحرية هي التنقل من عبودية قديمة إلى عبودية جديدة! (أتعجب من أستاذ جامعي يطالب بحرية الرأي وحقوق الإنسان في مقالاته ويسخر من أساتذة المدارس بينما يهدر كل الحقوق في تعامله معنا نحن الطلاب أتمنى ان لا أكون تحت إدارته في يوم من الأيام). وعندما ننتقل لعنوان آخر وهو حقوق المرأة (يستخدم هذا المصطلح كبديل لحرية المرأة في بعض الدول العربية المحافظة) تجد ان الإنسان العربي يعتقد انه عندما يهرب من وطنه سيحصل على حقوقه كاملة ولكن الواقع يقول أنك بالفعل ستحصل على حقوق ولكن ستفقد حقوقاً أخرى (هذا إذا لم تخضع للابتزاز من الدولة المضيفة لأغراض سياسية) تنصح السيدة غادة جمشير في مقابلتها في برنامج فضائيات مع الأستاذ تركي الدخيل البحرينيات والخليجيات باللجوء إلى أسبانيا ماذا لو منعت الحكومة الأسبانية الحجاب أسوة بفرنسا! ولذلك أعتقد أننا لن نحصل على أي حقوق حقيقية في وطننا العربي أو تقدم نرجوه لسبب بسيط ومهم أننا نحب إلقاء التهم على الآخرين ونهرب من أنفسنا، يصف أحد المفكرين بأننا إذا فسرنا تخلفنا بتخلف مستوياتنا الاجتماعية والثقافية والسياسية كنا كمن يفسر النتيجة بالنتيجة أو السبب بالسبب مع ان المفروض تفسير النتيجة بالسبب أو السبب بالنتيجة! إذاً ما هو مفهوم الحية للإنسان؟ بالرجوع إلى لائحة حقوق الإنسان الدولية يمكننا معرفة تصور الإنسان للحرية حيث تنص على أن كل فرد حر وأن حريته تنتهي عندما تتجاوز حرية الآخرين، ولكن من يحدد حرية الفرد هل تقديره (هو) ومن يضمن أنه لا يتعدى على حقوق الآخرين بحجة أنها حريته! لكن هذا التعريف المبهم يجعلنا نتساءل هل هناك شيء اسمه حرية، أعتقد أنه لا وجود للحرية كما أعتقد أن هناك الكثير من الكتاب يؤمنون بعدم وجودها ولكن لماذا هم ينادون بالحرية؟ يذكر أحد المفكرين بأن البعض يؤمن بعدم وجودها ولا يريد وجودها، وإنما الدعوة إليها فقط لأنهم يستريحون بذلك ويعرضون أنفسهم أو لأنهم يعاقبون قوماً بالدعوة إليها فقط! لقد استطاع الإنسان أن يسيطر على الطبيعة ولكن لم يستطع الحصول على الحرية لأنها ليست موجودة ، متى يعي الإنسان ويتقبل هذه الحقيقة! ٭٭ إضاءة.. لست حراً لأنك تحيا.... عبدالله القصيمي