كتب الكثيرون عن الارهاب بل ربما تكون هذه المفردة هي الأكثر وروداً في أحاديث الساسة وزعماء الدول كما هي في سواليف المجالس ومواضيع وسائل الاعلام ولايمكن لأي خطّة تنموية أو أمنية أو حتى للهندسة الاجتماعية أن تُقبل إلا بعد أن يأخذ مخططوها في حسبانهم قضية الارهاب .. وفي وقت اختلف فيه الساسة مع رجال العدل والقانون ومنظّمات حقوق الانسان على تعريف الارهاب وقعت أحداث جِسام وضعت القضيّة في مقدّمة سلّم أولويات الدول حتى أصبحت هوساً بل وسواساً ذهنياً (فوبيا الارهاب) لابد من أخذ الاحتياطات المشددة لمنع وقوعه مما أعاق كثيرٍاً من المصالح و عطّل حريات الناس وفي بلادنا(ونحن جزء من هذا العالم نؤثر ونتأثر بما يحدث فيه) تم اتخاذ بعض الاجراءات الأمنية البادية للعيان وألأخرى السرّية التي تهدف الى تضييق الخناق على تحركات الارهابيين والمبادرة بتوجية ضربات استباقية لهم لمنع تنفيذ عملياتهم الشريرة ولا تلام تلك الأجهزة في إجراءاتها تلك اليست حرباً ضد الشر والاشرار.؟ ولكن هل يكفي التعاطي الأمني كحلّ مثالي للتعامل مع ظاهرة الارهاب ..؟ وهل فكرة المحاورة مع (بعض) الارهابيين والتوعية مع المتعاطفين في المجتمع كافية كإجراء فكري يمكن أن ينفذ الى العمق ويجتث فكر التطرف والارهاب لتكون بلادنا آمنة من تلك الآفة التي أقلقت الجميع ..؟؟ ألا نحتاج الى استراتيجية وطنية شامله تدرس البيئات والمناخات والظروف والعوامل التي تُغذي الارهاب من الداخل وتفرّخ الارهابيين وتُجنّد المتعاطفين ثم تضع الخطوات التنفيذية واللقاحات المضادة لوقاية الوطن من هذا الفكر ومنع إعادة إنتاجه وتجدد خلاياه وتُحدد في نفس الوقت مسؤوليات مختلف الأجهزة والمؤسسات وكذا الافراد ثم تتابع وتُقيّم النتائج ، هذه الاستراتيجيّة التي ينبغي لها أن تحتوي على خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى حتى تخرج من نطاق القرارات الوقتية الارتجالية تلك التي تشبه حبوب المُسكنات فهي تُخفف الألم لكنها لاتُعالج الاسباب. وحتى أنتشل حديثي هذا من العموميات وأجعله واقعياً رأيت أن من المناسب عرض مُلخّص مشروع (نحو استراتيجيّة وطنية شامله لمكافحة الارهاب في المملكة العربية السعودية) أعده الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين الأمين العام لمؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه للإسكان التنموي وأهدى لي نسخة منه بعد حوار مطوّل معه عن الارهاب أثناء انعقاد اللقاء الوطني الخامس للحوار الفكري الذي عُقد في مدينة أبها مؤخراً وقبل الدخول في قراءة هذا المشروع رأيت من المناسب ايراد تعريف الجريمة الارهابية حسبما ورد في اتفاقيّة دول مجلس التعاون لمكافحة الارهاب كالتالي(هي أيّ جريمة أو مشروع فيها ترتكب تنفيذاً لغرض إرهابي في أيّ دولة متعاقدة أو على ممتلكاتها أومصالحها أو على رعاياها أو ممتلكاتهم يُعاقب عليها قانونها الداخلي ، وكذلك التحريض على الجرائم أو الترويج لها أو تحبيذها وطبع أو نشر محررات أو مطبوعات أو تسجيلات أيّاً كان نوعها ، إذا كانت مُعدّة للتوزيع أو لإطلاع الآخرين عليها وكانت تتضمن ترويجاً أو تحبيذاً لتلك الجرائم) إذاً حتى التحريض أو التجميل والاستحسان للعمليات الارهابية يعتبر جريمة تستحق العقاب فماذا فعلنا حيال ذلك.؟؟ (يتبع)