آخر أسبوعين من كل فصل دراسي تنتاب «سامي» حالة رعب مترقب، تجده ينتقل في حجرته من الشباك إلى المرآة والعكس وهو يحمل كتاباً يحفظ ما بداخله فهو لديه عقدة من الامتحانات، لديه عقدة من الدراسة ككل، قبل الامتحان تجده يصطف عند باب الأستاذ سائلاً السؤال السخيف إياه: «كيف ستكون طريقة الامتحان؟» ليجيبه الأستاذ: وهل هذه أول مرة تختبر معي يا بني»! سامي يفضل اسئلة الصح والخطأ ويكره الأسئلة المقالية، رغم انه لا يعرف أن درجاته أعلى في الأسئلة المقالية! سامي خائف ومن حقه أن يخاف، لكن لماذا تصبح الامتحانات بعبعاً لسامي وأمثاله؟ لا أدري؛ لعلها حمى المجموع وقلة فرص التعليم العالي؟ سامي سيعيش حياته كلها في قلق بحثاً عن التقدير المرتفع والوظيفة المنتجة والترقية التي لا تأتي إلا بعد التقاعد، حياته كلها أيام امتحان متواصلة. «خويلد» الشقي، أكثر أولاد الحارة شقاوة، الجميع يطلق عليه خويلد رغم أنه تجاوز مرحلة الطفولة، لخويلد صولات وجولات مع «أبومحمد» كبير حارتهم ومع «بابان أكبر» المسؤول عن نظافة المسجد، فهو يشتهر بمضايقتهما وكثيراً ما اشتبك مع الأخير في عراك يدوي يشغل أهل الحارة لأيام بأحداثه. كل أيام خويلد متساوية لا فرق لديه بين أيام الامتحانات وغيرها فهو مشهور بأن له قلباً من حديد وأنه مرات رسوبه أكثر من مرات نجاحه! أصدقاء خويلد الآن على مشارف التخرج من الجامعة وهو مازال يعيد مواد الثانوية بدون أي نتيجة يقضي ليلة الامتحان في صنع البراشيم التي يبيعها للزملاء في المدرسة حتى يستفيدوا ويفيدوا. خويلد أكبر مثال للشخص الذي لا يعترف بقدراته ولا يحاول أن يجد لنفسه مستقبلاً بديلاً ينفعه. نورة تكره الدراسة، تحب أن تقضي يومها مع الزميلات في كافتيريا الجامعة يتحدثن ويضحكن، حتى تفاجئها أيام الامتحانات وتكتشف أن جدول امتحانها معبأ بمواد لم تسمع بها من قبل، تسرع باحثة عن احدى المتفوقات حتى تصور منها دفاتر محاضراتها، وتقفل على نفسها أسبوعين قبل الامتحانات لتحفظ ما يمكن حفظه، وتقضي أيامها بعد ذلك منتقلة من مكتب أستاذة إلى مكتب أستاذة أخرى باحثة عن استعطاف يدفعها نحو النجاح ويغير حرف ال «ه أي الرسوب» إلى «د أي مقبول» فهي لا تريد أكثر من المقبول، أحياناً تجد من يتعاطف معها وأحياناً تكون حركاتها مكشوفة فتعيد المادة، لتبدأ بالتشنيع على الأستاذة القاسية التي جعلتها ترسب عامدة متعمدة. سامي وخويلد ونورة وغيرهم على اختلاف أهدافهم وطريقة حياتهم، يعانون من مشكلة بسيطة، هم لا يريدون أن يتعلموا بقدر ما يريدون أن ينجحوا فقط.