لم يسعف الطالبة مها درسها مادةَ التاريخ في الإجابة عن السؤال الرابع من الامتحان، بل يعود الفضل الى جهاز الموبايل الذي تمكنت عبره من إرسال رسالة قصيرة لصديقتها تطلب فيها العون. وتتأكد مها قبل دخولها إلى بناء المدرسة لتأدية الامتحانات النهائية والتي بدأت الأسبوع الماضي في الاردن من أن الهاتف النقال مشحون، وفيه من الرصيد ما يكفي لإرسال «مسجات» تطلب فيها المساعدة عندما تتعثر بسؤال تصعب إجابته. وتتيح لها تقنية التصوير في هاتفها النقال تصوير صفحات من المنهاج فاتتها دراستها خلال الفترة التحضيرية للامتحانات النهائية. وعندما تشعر مها بأن الوقت بدأ ينفد وأن دقائق معدودة تفصلها عن تسليم ورقة الإجابة، تتجرد من مخاوفها وتبدأ بالبحث بين الصور بلا أي تردد. فهي أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الرسوب أو النجاح. وتقول: «في السابق كانت عملية نسخ المعلومات صعبة وتحتاج إلى وقت، وكان الاعتماد على نسخ البراشيم قبل الامتحانات بفترة قصيرة ولكن مع توافر التكنولوجيا صارت الأمور أسهل». زميلتها التي تجاورها في المقعد لا تملك هاتفاً نقالاً ما يضطرها للتمسك بأساليب الغش التقليدية، كأن تُخبئ قصاصات الورق في ثنية كم الزي المدرسي. وان احتاجت إلى مساعدة صديقتها التي تجلس خلفها في المقعد ما عليها إلا ان تقرع القلم بالطاولة 3 مرات، وهي إشارة متفق عليها مسبقاً تعني طلب العون. أساليب عدة للغش يبتكرها طلبة المدارس للخروج من الامتحانات النهائية بأقل الخسائر، إلا أن ما يصعُب ضبطه غالباً يرتكبه طلبة الثانوية العامة أو «التوجيهي» لاعتبارات تتصل بالأهمية التي يكتسبها امتحانهم المصيري . وكانت إحدى أغرب المخالفات في امتحانات التوجيهي الفصل الماضي أن ضبط مراقبون شاباً ينتحل شخصية طالب من أقاربه ليؤدي عنه الامتحان، وترتب على ذلك حرمان الطالب من الدورة الشتوية للامتحانات التي تليها، وتمت إحالتهما للقضاء. الدقة شرط أساسي وتتصف أساليب الغش التي يتفنن طلبة التوجيهي بابتكارها بأنها غاية في الدقة، فقد ضبطت وزارة التربية والتعليم خلال الفصل الماضي ساعات على معصم اليد هي عبارة عن جهاز خليوي وفيها كاميرات تصوير. وسجلت مديريات التربية مخالفات عدة بحق طلبة استخدموا تمديدات لأسلاك موصولة بأجهزة خليوية على أجسامهم بطريقة يصعب اكتشافها، فيما سجلت وزارة التربية والتعليم ما يتجاوز 823 مخالفة خلال امتحان التوجيهي الفصل الماضي والذي تقدم له قرابة ال140 الف طالب. وتتطلب بعض أساليب الغش الجرأة والمغامرة وال «الفهلوة» كما يقول محمد في الصف العاشر، ويرى محمد أنه وزملاءه اقل تهوراً مقارنة بطلبة الثانوية العامة (التوجيهي) لأن هؤلاء «يؤدون امتحانات مصيرية». ويشير مدير التربية قاسم الخطيب الى أن عمليات الغش لدى طلبة الصفوف الإعدادية مضبوطة مقارنة بطلبة التوجيهي. ويؤكد أن نسبة الغش في الصفوف الأساسية والإعدادية منخفضة جداً مقارنة بطلبة التوجيهي نظراً للأهمية التي يكتسبها الامتحان الأخير. ويفسر الخطيب انضباط طلبة المرحلة الإعدادية بأنهم يمتحنون في غرفهم الصفية التي كانوا ينتظمون فيها سابقاً وتحت رقابة مدرسيهم الذين يشددون الرقابة على من لديه سوابق. ويضيف: «مع نهاية الفصل الدراسي يكون الأستاذ كوّن صورة عن الطالب وبات قادراً على التمييز بين الغشاش والمجتهد»، أما طلبة التوجيهي فيتم توزيعهم على قاعات جديدة وتحت رقابة أساتذة جدد «فتختفي مسألة الحرج التي تنتاب الطالب المجتهد ويصبح أكثر ميلاً لتقليد الغشاشين في أساليبهم».