مع بدء موسم امتحانات نهاية السنة في الجامعات والمدارس العراقية علقت مكاتب الاستنساخ الموزعة خارج الكليات لافتات كتب عليها «لا نستنسخ البراشيم ولا نصغر الملازم». وهذه المرة الاولى التي تتخذ فيها مكاتب الاستنساخ خطوة من هذا النوع بعدما وجهت عمادات الكليات إنذاراً بإغلاق اي مكتبة تقدم على استنساخ المقررات الدراسية وتصغيرها للطلبة الذين يمارسون الغش خلال الامتحانات. لكن هذا الإجراء وبدلاً من أن يحد من الغش، دفع الطلاب الى البحث عن سبل أخرى واستنساخ براشيمهم خارج الجامعة ولو قبل يوم واحد من الامتحانات، فيما يعتمد آخرون على أولياء أمورهم لإنجاز هذه المهمة بدلاً منهم. جميل ياسر احد اصحاب مكاتب الاستنساخ في باب المعظم، يقول ان غالبية الطلاب يقدمون على استنساخ براشيم الامتحانات قبل يوم واحد من موعد الامتحان. ويضيف: «احدهم احضر لي كل المواد وطلب استنساخها قبل اسبوع من بدء الامتحانات وعندما سألته عن السبب اجابني بأنه لا يضمن الظروف قبل يوم الامتحان الذي تكثر فيه الطلبات وتختلط الاوراق أحياناً فهو يريد نتيجة مضمونة». ويؤكد جميل ان بعض الامهات والآباء يقومون باستنساخ البراشيم لأبنائهم في شكل منتظم قبل الامتحان. ومع تفاقم حالات الغش في الجامعات العراقية، لجأت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الى الاستعانة بقوات الشرطة لمساعدة الهيئات التدريسية في إخراج الطلبة الذين تضبط في حوزتهم ادوات الغش والذين غالباً ما يسببون جواً من الفوضى داخل القاعات لإجبار المراقبين على الامتحانات على ابقائهم في مقاعدهم بعد اكتشاف امرهم. وفي السنوات الماضية تكررت هذه الحالات كثيراً باعتراف المدرسين الذين اقروا بأن بعض المراقبين كانوا يغضون النظر عن حالات معينة خوفاً من ارتباطات الطلاب السياسية وتفادياً لتعرضهم للتهديدات. لكن هذا العام يبدو مختلفاً بعدما اصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قراراً وزارياً بفصل الطلبة الذين يتجاوزون على الاستاذ في القاعة الدراسية او على المراقبين في قاعات الامتحان. ويصنف الطلبة الغشاشون وسائل الغش بين البدائية مثل البراشيم والملازم المصغرة والكتابة على مناطق محددة من الجسد مثل الذراع والساق، وأخرى متطورة مثل الموبايل والبلوتوث وغيرها، وثالثة مبتكرة وهذه تخضع لأمزجة الطلبة انفسهم. وتقول احدى طالبات كلية التربية انها ابتكرت وسيلة استثنائية للغش هي جهاز التسجيل. وتقول انها ترتدي الحجاب اثناء الامتحانات على رغم كونها غير محجبة وتضع جهاز تسجيل دقيقاً قرأت فيه اهم المواد في احد جيوبها ثم تضع السماعات تحت الحجاب وتبدأ بتشغيل المسجل بضغطة واحدة بعد قراءة الاسئلة فتقوم بتدوين الحلول وكأنها حفظت المادة عن ظهر قلب. وتضيف: «انا اغش بهذه الطريقة منذ سنوات ولم يكتشفني احد من المراقبين لأنها طريقة ذكية تجعلني لا ألتفت ابداً بل اركز في ورقتي وأدون ما اسمع». ومهما تنوعت حالات الغش وأساليبه في الجامعات تبقى قضية السيطرة عليها في بلد كالعراق خاضعة لمعيار العامل الامني ومدى الدعم الذي تقدمه وزارة التعليم العالي للمراقبين من وسائل حماية قانونية تمكنهم من محاسبة الطلبة الغشاشين وفق القوانين الجامعية التي تعرضت لنكسات كبيرة خلال الأعوام الاربعة الماضية.