البيئة كما هو معلوم تعني الأرض التي يعيش عليها قسم من البشر بما فيها الإنسان نفسه والنبات والحيوان والتضاريس والمناخ السائد وقد ربط الخالق جل وعلا بين هذه الأشياء كلها بالرباط الفطري والأزلي من حيث احكام التوازن والديمومة بين تلك الأقسام وذلك ضماناً لاستمرار الحياة الطبيعية في جميع بقاع الأرض على اختلاف مناخها وتضاريسها. وقد وعى الإنسان المتحضر هذه الحقيقة وبذل جل جهده للمحافظة على هذا التوازن البيئي، فبدأ بالحفاظ على الأشجار، والغابات وما يعيش فيها من الحيوانات البرية وسن القوانين الصارمة التي تردع كل عابث وتمنع كل مستهتر من تخريب البيئة أو السعي للإخلال بتوازنها. وقد سمع، أو قرأ بعضاً منا قصة إحدى الولايات في أميركا الشمالية التي كانت جرداء وشبه صحراوية فاختطت الحكومة خطة طموحة حيث قامت مع الهيئات المختصة باستزراع ملايين الأشجار حيث أصبحت الآن وبعد خمسين سنة غابة غناء مطيرة المناخ بعدما كانت صحراء قاحلة وكذلك بعض الدول في البلقان التي كانت تعاني من تأثير الرياح الثلجية فبادرت تلك الدول بزراعة الأشجار المستديمة وبعد مضي عدة عقود أصبحت تنعم بمناخ شبه معتدل واتقت شر تلك الرياح العاتية. هذا ما فعلوا حسب مفهومهم للبيئة فماذا فعلنا نحن؟! إن الجواب على هذا السؤال سيكون مخجلاً لنا حقاً فبدلاً من الحفاظ على بيئتنا من التفكك والاضمحلال أخذنا على عاتقنا بوعي منا أو بدونه بتخريب بل.. قتل بيئتنا والمساعدة على خرابها فبدأنا أولاً بقتل حيواناتها وصيدها حتى أصبح أثر الظبي أو الأرنب على رمالها شيئاً من الماضي بالنسبة للجيل الأكبر سناً أما الأجيال الشابة في بلادنا فهي لا تفرق بين أثر الفيل وأثر الغزال لندرة مشاهدتها لآثاره على رمال بلادهم. وبعد ما قضينا بشكل مبرم وبجهل مطبق على صيد صحرائنا الطيبة انقلبنا نجردها من ما تبقى فيها من شجر فالبرغم من ندرة الأمطار بالأربعة العقود الماضية مما ساعد على سرعة تناقص الشجر ونموه متزامناً ذلك مع أيدي الجهلة من أبناء جلدتنا التي أخذت تعبث قطعاً وتخريباً لما تبقى فيها من شجر يسير. لقد صدرت أوامر ملكية سامية متكررة وذلك لمنع الاحتطاب الجائر، وعمدت تلك الأوامر السامية إمارات المناطق، ووزارة الزراعة، وحماية البيئة.. ولكننا لم نلمس أي تنفيذ لتلك الأوامر فما السبب؟! إننا نعتقد أن جميع المخلصين والغيورين من أولياء أمر هذا البلد وأبنائه يريدون معرفة الجواب على هذا السؤال، إن تنفيذ هذه الأوامر ليس بالأمر الصعب فهناك حفنة قليلة جداً هي التي صارت عقبة بوجه هذه الأوامر وتلك التعليمات، فإن كانت مصلحة هذه الفئة هي في تجريد أرضنا من غطائها النباتي فلا وألف لا وعلى كل غيور ووطني أن يقول ذلك.. علماً بأن الحكومة الرشيدة أيدها الله قد ألغت الرسوم الجمركية على الحطب الوارد من أفريقيا إلى المملكة وسهلت عملية استيراده مما ساعد على خفض أسعاره. ولهذا نناشد كل مسؤول بالدولة من ذوي الاختصاص العمل على تنفيذ الأوامر السامية المشار إليها ومنع الاحتطاب وخصوصاً من الغضا، والارطا من النفود الكبير وذلك لعقد أو عقدين من الزمن حتى نحافظ على البقية الباقية من تلك الشجرتين النادرتين وإذا حصل أن ما يسمى: ب (الحطابين) قد يبدو التظلم من هذا المنع فليتوجهوا إلى أماكن بيع الحطب الأفريقي في ميناء جدة وغيرها لشرائه وجلبه للأماكن الداخلية فهو أجدى وأكثر ربحية لهم مما يكف أيديهم عن تخريب بيئتنا الغالية.