وحكايات صالات الأفراح كثيرة ومتنوعة، ولو تكلمت أوراق الشيكولاته الذهبية المرمية على الأرض وبقايا الورد المنتثرة هنا وهناك و«معاميل» الشاي وفناجين القهوة التي جمعتها «أم محمد» لتأخذ ماتبقى منها وتشربه خوفاً من عيون الحاسدات، لحكت الكثير من الأسرار، ورددت تعليقات الحاضرات اللواتي يتسلين بانتقاد هذه وتلك والحديث عن آخر أخبار هذه وزوجها وتلك وأم زوجها، ويرددن آخر ما سمعنه من إشاعات عن تكاليف الزواج وما دفعه «العريس المتعوس» من مهر! وهناك إشاعة قوية أن الاستثمار في قاعات الأفراح أفضل من الاستثمار في سوق الأسهم التي يتتبع الكثير أخبارها عبر الجوال وعبر الشاشات ومن خلال إشاعات اشتر وبع قبل أن تنزل الأسعار. وموضوعنا اليوم كما حزرتم ليس عن الأسهم بل عن الزواج.. وسنختار حكايات الشباب الثلاثة.. وسنبدأ بصالح «صويلح، أبو الصلح، أبو الصلوح» ولقبه «الجني» وهو اكتسب هذا اللقب عن جداره، فمنذ أن كان في الثانية عشرة من العمر وهو يتسلل إلى غرفة أبيه وهو نائم ليأخذ مفتاح السيارة ويدور في شوارع الحارة مع «شلة الأنس»، ولم تفلح ضربات الأب ولا صرخات الأم ولا لكمات خاله في ثنيه عن عادة سرقة المفاتيح، وهو سيخبركم أنه في أي مكان يذهب لابد أن يسرق مفتاح سيارة ويأخذها في جولة، «أبو الصلح» من أكبر مفحطي الحارة، وله حركاته الخاصة وبصمته المعروفة على شوارع المنطقة، ومن الإشاعات التي قيلت عنه أنه وصل من الرياض للدمام في ساعة ونصف ليأخذ وجبة من أحد المطاعم السريعة التي ليس لها فرع في الرياض وعاد للاستراحة ليهنأ الشباب بوجبة مليئة بالدهون ساخنة كأنها خرجت لتوها من الفرن ولم تسافر مئات الكيلومترات. وصويلح من عشاق أفلام المغامرات خاصة مسلسل الثمانينيات «شرطة ميامي» المليء بالمطاردات المثيرة، وأعتقد أنكم فهمتم من ما سبق أن أبو الصلح «خائب مدرسيا» فهو حصل على الثانوية العامة في السنة التي تخرجت أخته مضاوي من كلية التربية طبعا لابد أن أخبركم أن مضاوي تصغر صويلح بأربعة أعوام وأترك لكم الحساب. طبعا «أبو الصلح» يعمل في المكتب العقاري الذي يملكه خاله لكنه لايداوم هناك إلا مرة او مرتين في الأسبوع، فهو مشغول بتنظيم الرحلات للشباب والدوران في شارع التحلية بعد أن فقد شارع الثلاثين عزه! وأم صويلح مشغولة عليه، فالولد طائش ومشاكله كثيرة وحكاياته مع الشرطة لاتنتهي، وأبوه تعب من الإهانة والضرب لشاب اقترب من الثلاثين وهي لابد أن تجد حلا.. والحل في نظرها هو أن تخطب له ابنة الحلال عله يعقل! الحل في نظر أم صويلح هو «زوجوه» لكن السؤال كيف يمكن لشخص غير قادر أن يتحمل مسؤولية نفسه أن يتحمل مسؤولية عائلة بأكلمها؟ هذا السؤال ستجيب عليه الزوجة المسكينة التي ستعيش نصف عمرها في بيت أبيها والنصف الآخر في المحكمة بانتظار الطلاق. أما سامي فهو آخر العنقود، تصفه أمه بأنه «الحبيب المطواع» طوال عمره مجتهد في المدرسة والجامعة وهو الآن يعمل في القطاع الخاص ويبشر بمستقبل واعد، المشكلة في نظر أمه وأخواته هو أنه كثير السفر لبلاد كثيرة، ويبدو أن الغرض من سفراته ليس ثقافيا ولا ترفيهيا بريئا كما تقول الأخوات اللواتي يسمعن أخبار سامي من صديقاتهن اللواتي ينقلن ما يقوله أخوانهن، لذلك بدأن في جمع الأدلة حتى تتصرف الوالدة قبل أن يعرف والدهم ويأتي للمنزل ثائرا ويحيل حياتهم إلى جحيم كما يحب أن يفعل منذ انشغاله بزوجته الثالثة أو الرابعة، والأدلة تتجمع من صور وقوارير رائحتها غريبة ورسائل، وتصرفات لسامي غير معتادة، مما استدعى اجتماعاً عاجلاً للأخوة الكبار مع الوالدة الذين وجدوا أن الحل في تزويجه وكما قال «سمير» أخوه الكبير.. «زوجوه وبلاشي فضايح شوفوا له بنت حلال تلمه» وبنت الحلال هذه ستعاني الأمرين، وستكتم معاناتها لأن بنات العوائل يصبرن! ماجد ليس له حكايه، هو صامت دائما من البيت لوظيفته المكتبية ومن الوظيفة للريموت كونترول مشاهداً كل ما يظهر على الشاشات الفضائية وهو من المعجبين بالفنانة القديرة هيفاء وهبي - ويحق له ذلك - وهو يحلم بأن يتزوج واحدة تشبهها، ليس في ماجد سوى عيبين أولهما أن راتبه قليل مقارنة بمن هم في سنه لكن هذه هي الوظيفة التي تتناسب مع إمكاناته العلمية وخبراته وثانيهما أنه بذيء لفظيا وعنيف يدويا فخناقاته في الحارة لا تنتهي ولم يسلم أحد من شره حتى أخواته نلن شرف الضرب من يده العمياء وإحداهن رقدت في المستشفى لعدة أيام تعاني من رضوض وكسر في الفك السفلي، أمه ترى في ضربه وعنفه رجولة، وأخواته يعرفن أنه يعاني من عقدة نقص وأبوه سعيد بابنه الرجل الذي يتحمل مسؤولية تربية أخواته الأربع اللواتي يحتجن إلى من يحميهن خاصة وأن كلاً منهن مغرورة بشهادتها العالية وتظن أنها غير الأخريات. الحل الوحيد الذي فكرت فيه الأخوات حتى يرتحن منه ومن مشاكله هو تزويجه ليصبح هو مشكلة امرأة أخرى، وهكذا جمعت الأخوات مبلغا ماليا ليقدمنه مهرا لعروس الهنا، ومقدماً لبيت يدفع بقية أقساطه، ويرحل عنهم إلى حياته الجديدة، وكما قلت لكم الحل تلخص في كلمة «زوجوه». وللحديث بقية.. على ما أظن