مدينة الرياض عاصمة عالمية.. فهي تكتظ بالحركة، وتتدفق عبر شوارعها أعدادٌ هائلة من السيارات والمركبات التي تقوم يومياً بسبعة ملايين رحلة حسبما ذكر المهندس عبداللطيف آل الشيخ رئيس مركز المشاريع والتخطيط في الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض!! هذه الحركة الدائبة النشطة جعلت شوارع وطرقات الرياض تبدو ضيقة ومختنقة رغم رحابتها وحداثتها.. لكن للنمو الكبير الذي تشهده المدينة يجعلها تسابق الزمن.. فما أن يتم افتتاح طريق في حي من أحياء الرياض حتى ترتفع البنايات وتقوم المشاريع التجارية على جانبيه فيختنق بحركة السيارات وزحمتها.. ورغم أن هذه الزحمة مرهقة ومزعجة وتجعل الناس يتذمرون إلا أنها ضريبة التنمية الهائلة التي تشهدها الرياض.. فالتنمية لا تأتي بضغطة زر ولابد أن يمر بعض الوقت كي يكتمل البناء وتتكامل الخدمات.. وحتى لو توفرت الاعتمادات المالية فإن المال وحده لا يقيم المشروعات التنموية إذ أن عامل الزمن هو عنصر مهم في معادلة التنمية.. ونحن نذكر الموجة العارمة التي غمرت البلاد في التسعينيات الهجرية عندما بدأت الطفرة الأولى.. فقد عانى المواطنون كثيراً بسبب إغلاق الطرق وحفرها لإقامة تمديات الكهرباء والماء والهاتف والصرف الصحي وإقامة الجسور والأرصفة وأعمال السفلتة وغيرها من المشروعات التي ينعم المواطنون بها في الوقت الحاضر بينما كانت في عنفوان حركة إقامتها مصدر ازعاج لسكان العاصمة. لكن مدينة الرياض، العاصمة العملاقة الكبرى، ظلت عبر المشاريع التنموية المتلاحقة والكثيرة تدفع ثمن غياب نظام حديث للنقل العام.. وهي في ذلك تشبه المدن السعودية الأخرى.. إذ على الرغم من تأسيس شركة مساهمة للنقل العام فإن النقل العام لا زال أقل من أن يفي بمتطلبات خدمة النقل التي تليق بعاصمة حديثة وكبيرة كالرياض. ورغم أن هناك أسباباً موضوعية يمكن تفهمها أدت إلى نقص مستوى خدمة النقل العام في مدينة الرياض وفي المدن السعودية الأخرى، ومن ذلك رغبة المواطنين في تملك سياراتهم الخاصة واستخدامها بمرونة وحسب حاجاتهم وظروفهم، إلا أن غياب وسائل النقل العام فاقم من مشكلة الزحمة التي خنقت شوارع الرياض وجعلت استخدامها عذاباً يومياً، وخصوصاً في أوقات الذروة. إن المطالبة المستمرة بفتح وتحسين المزيد من الشوارع في مدينة الرياض لن يقضي على الزحمة طالما استمرت مشكلة النقل العام.. وما يأمله الناس هو أن يتم استكمال المشروعات التي أعلنت عنها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض مثل مشروع القطار الكهربائي الذي سيربط المنطقة الممتدة من الدائري الشمالي إلِى الدائري الجنوبي ومن الدائري الشرقي إلى طريق الملك خالد غربي الرياض عبر محور العليا - البطحاء ومحور طريق الملك عبدالله.. وقد انتعشت الآمال بعد الاجتماع المشترك لهيئة تطوير مدينة الرياض ولجنة المشاريع والتخطيط بالهيئة الذي ترأسه سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز في نهاية الأسبوع الماضي. وما تحتاجه الرياض تحتاجه أيضاً المدن السعودية الأخرى.. فالنقل العام يظل نقطة اختناق أساسية في مدننا السعودية رغم ما تحقق من تنمية في شتى المجالات.