لم يعد التعليق على المسابقات السعودية في الوقت الراهن محفزا للجلوس خلف الشاشة، والانصات للوصف وتلقي المعلومات التي تنسجم وأهمية المباريات، وعكس صورة تساهم في رقيها واستمتاع المتابع بها، بدلا من ندب حظه التعيس أن اصبح اسيرا للصراخ وضياع وقته من دون أن يتلقى معلومات ثرية تنمي من الثقافة لديه. ما يقوله هواة الصراخ مكرر، وشبه تقليدي، ويأتي انحياز المعلق اليها وفق ردة الفعل الإعلامية والجماهيرية وما يطرح عبر شبكات التواصل، ما يؤكد أن التعليق اصبح مختطفا من خلال اصوات «نشارة» ينهكها الصراخ، ويدفعها التعصب والاستسلام لأي مؤثرات إعلامية وجماهيرية. الذي نعرفه أن التحضير للمباريات والتفاعل يأتي وفق أهميتها واللقطات المثيرة خلال اللقاء ولنا في يوسف سيف وعلي الكعبي ورؤف خليف، وعصام الشوالي وفهد العتيبي وحفيظ دراجي العبرة في قيمة المعلق والتعليق وأهمية وعيه وحضوره وتفاعله ومعرفة ماذا يريد المشاهد، اما جيل التعليق الحالي الذي يتفاعل حسب جماهير «تويتر» وما يود أن يقرأه المعلق عن نفسه فأصبح في واد والتعليق في واد آخر، ومجرد بداية المباراة يصبح المتلقي وكأنه في «سوق الحراج»، فالصراخ لا يتوقف وحتى المباراة متوقفة، المهم لديه دغدغة مشاعر الجماهير ببعض المعلومات عن أندية ولاعبين لديهم جماهيرية حتى لو لم يكونوا طرفا في المباراة، واقرب مثال معظم مباريات كأس الملك في دور ال32 على الرغم من أنها من طرف واحد، الا أن «الصراخ» بقيادة معلق مباراة النهضة والهلال كان سيد الموقف، ولم يغب عن اذان المتابعين الذين ابتلوا «بعد جيل العمالقة زاهد قدسي واكرم صالح رحمهما الله ومحمد رمضان ومحمد البكر وناصر الأحمد واسماء أخرى وضعت التعليق الرياضي في القمة» بجيل الصراخ، وكأن هذا مفروض عليه. محمد رمضان لماذا يفعل المعلقون ذلك..؟ لأنهم بكل أسف يسيرون على ما تسير عليه بعض البرامج الرياضية المنفلتة التي تريد تحقيق نسبة عالية من المشاهدين بغض النظر عن المضمون ونوعية الضيوف وما يطرح فيها من غثاء وصراخ وسب وشتم وتطاول وتلويث لفكر الشباب اليافع المندفع خلف كرة القدم، واشخاص هبطوا عليها ب»البراشوت»، فاصبحوا بقدرة قادر محلليين وخبراء ونقاد على الرغم من أنهم هم الأولى بالنقد والتقريع حتى يتأدبوا ويتركوا التحليل والنقد إلى أهله هذا بكل اسف ما يفعله من نطلق عليهم مجازا اسم معلق، تجد صراخهم يستمر حول الأندية واللاعبين الذين يتمتعون بشعبية كبيرة. بالأمس كان معلق أحد المباريات، يخرج عن النص بالذهاب بعيدا عن الفريقين، للحديث عن لاعبين وأندية لا علاقة لها بالمباراة، ومن دون حدث يفرض عليه استعادة الذكريات، مثل هذه النوعية هي من قتلت التعليق وفرغته من الموهوبين واصبحت آفة مستشرية، بالرياضة من دون اصلاح الحال وايجاد حلول، وتقديم جيل تعليق متمكن يتفاعل حسب اهمية الحدث لا حسب ما ينتظر أن يقال عنه لدى انصار أحد الفريقين المتبارين.