إنه لمن عاداتنا العربية الأصيلة أن نرحب بكل ضيف يقدم إلى وطننا، مهما كانت ديانته أو عرقه أو لونه، ونعدّه ضيفاً له واجب الكرم والاحتفاء به، وكذلك المساعدة إن احتاج إليها، وهذه عاداتنا وتقاليدنا التي لا نحيد عنها مهما كان، فهي جزء من تكويننا وهويتنا التي نفاخر بها، وقد أوجبها علينا ديننا "الإسلام" وحثنا عليها رسولنا الكريم، وأن من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه. وإكرام ضيفنا يشمل كل ما يجب تجاهه من الترحيب والحماية له، حتى لو أزهق المضيف روحه مقابل حماية ضيفه الذي يقف فوق تربة أرضه، ويدافع عنه كبعض ولده من دون الغريم الذي له حق في المضيف، فكيف إذا كان هذا الغريم ليس له حق؟ وإنما يطلب القتل في ضيف لم يسيء إليه، بل لأنه مختلف عنه لأي سبب من الأسباب التي أوجدها الله بين خلقه، واختلاف الناس إنما هو للنماء العمراني، والتلاقح الفكري، والتبادل النفعي. فحين يقوم واحد منا بالتعدّي على ضيف منكم داخل أراضينا، وتحت سيف القانون، فإن مبدأنا العربي، ومنهجنا الإسلامي هو العدل في الاقتصاص منه: العين بالعين، والسن بالسن، والجروح قصاص في كائنٍ من كان، فمن اعتدى على رعاياكم الذين رحّبنا بهم في أرضنا وقتلوا أولئك الضيوف في وطننا، اقتصصنا منه بعقوبة عادلة، لأن من سعى في الأرض للفساد، لا يستحق سوى الجزاء العادل الذي يرضي الله والمجني عليه. بالأمس شهدنا حدثاً تاريخياً يكرّس قيمة الإنسان والإنسانية التي هي مشتركنا جميعاً كشعوب في الأرض لتتعارف وتعمر الأرض وتحييها، عدالة ناجزة لا تقبل أنصاف الحلول توجّه رسالة للجميع سواء في الداخل أو من الخارج: لا ظلم في هذه الأرض الكريمة التي شرفها الله بالإسلام، وأنّ من قتل وآذى ضيوفنا ومن تربطنا بهم علاقة عمل أو خلافه سوف يلقى ذات المصير.