تتطلع حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله لدور جديد لقطاع الطيران المدني في المملكة، ليصبح أكثر فاعلية وحيوية. وأقوى تأثيرا في نمو الاقتصاد الوطني، وليحقق الأهداف المنشودة على نحو يواكب التطورات المتلاحقة التي تشهدها صناعة الطيران المدني عالميا وإقليميا. وقد صبت توجيهات القيادة الرشيدة في هذا الاتجاه. واستجابة لتلك التوجيهات الكريمة، أعدت الهيئة العامة للطيران المدني خطة استراتيجية جديدة، شكلت منعطفاً هاماً في مسيرة الطيران المدني في بلادنا،استراتيجية وضعت في الاعتبار أن تطوير خدمات النقل الجوي يُعدُ أحد أهم العناصر الضرورية لمستلزمات النهضة الحديثة، التي تعتزم حكومتنا الرشيدة تحقيقها لهذا الوطن الغالي. كما وضعت الخطة في الاعتبار حجم السوق ومتطلبات جمهور المسافرين، وحاجاتهم لخدمات متنوعة في مجال النقل الجوي، كما أصبح لابد من مواجهة التنافس الإقليمي والعالمي في مجال خدمات النقل الجوي، وأضحى من الضروري أن نستحوذ على حصتنا العادلة من حجم الحركة الجوية في المنطقة. لست هنا بصدد استعراض تلك الخطة، ولكن أود أن أشير إلى عدد من ملامحها ومبادراتها التي تخص المطارات، ويأتي في مقدمتها تطوير البنى التحتية للمطارات ورفع كفاءتها، وتحسين مستوى الخدمات، وخصخصة مطارات المملكة، وعليه قامت الهيئة بإعداد الخطط اللازمة لتطوير شبكة مطاراتها، وتمثل تلك الخطط احتياج سوق النقل الجوي وخدماته في المملكة حتى عام 2040م، وتتفاوت تلك المشروعات في حجمها، فمنها ما هو لمطارات جديدة بالكامل، ومنها ما يعد تطويرا لمطارات أخرى. ويأتي مشروع تطوير مطار الملك خالد الدولي في الرياض (المرحلة الأولى)، كأحد أهم وأكبر المشروعات التي تضطلع الهيئة بتنفيذها في الوقت الراهن، ويجري العمل فيه على قدم وساق، ويستهدف المشروع توسعة وتطوير المطار بشكل جذري، حيث ستكون طاقته الاستيعابية في المرحلة الأولى إلى (35,5) مليون مسافر سنويا، أي ثلاثة أضعاف الطاقة الحالية، ورفع العدد الإجمالي للبوابات ليصبح (46) بوابة بدلا من (24)، مما سيمكن المطار من مواكبة حجم الحركة الجوية المتزايدة، وتلبية احتياجات المسافرين ورفع مستوى الخدمات، وسيصبح السفر عبر هذا المطار إن شاء الله متعة وتجربة يتطلع المسافرون لتكرارها.. وقد حرصت الهيئة على أن يتم تنفيذ هذا المشروع وفقاً لأفضل المواصفات والمقاييس، وتطبيق المعايير العالمية المتعلقة بالمطارات، بما في ذلك التجهيزات اللازمة لذوي الاحتياجات الخاصة، ويمكن اجمال عناصر هذا المشروع على النحو التالي: - مشروع تصميم وإنشاء الصالة رقم (5) والمرافق التابعة لها: وهي صالة جديدة بالكامل ستبلغ طاقتها الاستيعابية (12) مليون مسافر سنويا، تنفذ في الوقت الراهن على مساحة (100) ألف متر مربع تقريبا، وستضم (8) بوابات مزدوجة كما يشمل عقد التنفيذ أيضاً، إنشاء شبكة طرق وجسور تمثل منظومة حديثة تربط المناطق المطورة بالطريق الرئيس الذي يربط المطار بمدينة الرياض، علاوة على ربط صالات السفر الأخرى وجميع مرافق مدينة المطار. - مشروع تصميم وتنفيذ تطوير وتوسعة الصالتين (3) و(4) يشكل المشروع تطويرا جذريا للصالتين لترتفع طاقتهما الاستيعابية من (9,2) ملايين مسافر إلى (17,5) مليون مسافر سنويا، أما مساحتهما فسترتفع من (100,000)م2 لتصبح (290,000) م2، وينطوي المشروع على إنشاء صالة جديدة لإنهاء إجراءات السفر تقع بين الصالتين (3) و(4) مع المرافئ المؤدية لبوابات السفر، وثلاث صالات انتقال مرتبطة بالصالتين (3) و(4)، تضم 23 بوابة تستوعب ما بين 23 38 طائرة حسب الفئة. مشروع تطوير المدارج والممرات ومواقف الطائرات: ويشمل إنشاء ممر مواز جديد، وشبكة لتزويد الطائرات بالوقود، وإنشاء شبكة ألياف بصرية، وتوسعة نظام الصرف الصحي ونظام تصريف مياه السيول والأمطار، كما سينفذ مشروع مركز الأحمال رقم (3) والذي ينطوي على تصميم وتنفيذ مركز أحمال يخدم الصالات رقم (3 ، 4 ، 5). ولا يفوتني هنا أن أشير إلى أنه من المخطط له بناء مدينة مطار متكاملة بالمفهوم الاقتصادي الحديث التي طبقت في عدد من المطارات العالمية الناجحة (airport city) والتي ستضم العديد من المرافق الاستثمارية كالمراكز التجارية والمرافق السكنية ومركز مؤتمرات عالمي ومكاتب، علما بأنه تم توقيع مذكرة تفاهم لبناء مجمع تجاري في أرض المطار، تجدر الإشارة إلى أنه تم البدء في إنشاء محطة مترو أمام الصالة (5) من قبل شركة مترو الرياض. وحيث انطوت الخطة الاستراتيجية للهيئة العامة للطيران المدني على ضرورة تفعيل الشراكة الاستراتيجية بين الهيئة والقطاع الخاص، فإن الهيئة تعمل في الوقت الحالي على تحويل قطاعاتها ومطاراتها إلى شركات مملوكة للهيئة وذلك من خلال (شركة الطيران المدني السعودي القابضة)، وهي المالك لجميع الوحدات الاستراتيجية المستهدفة بالخصخصة، ويأتي في مقدمتها مطار الملك خالد الدولي الذي سيتم خصخصته تحت مسمى (شركة مطارات الرياض)، ومن المتوقع أن يتم ذلك في الربع الأول من عام 2016م، ولا شك أن لهذه الخطوة العديد من الفوائد، وقد جاءت مواكبة للتطورات الاقتصادية العالمية التي أثبتت أن النجاح الذي حققته المطارات في كثير من الدول، جاء نتيجة للشراكة الاستراتيجية مع القطاع الخاص سواء كان ذلك في تنفيذ المشروعات أو في إدارتها، لما يتميز به القطاع الخاص من مرونة وفاعلية ومستويات أداء مرتفعة. وبناء على ما سبق فإننا نستشرف بعون الله تعالى نجاحا لمطار الملك خالد الدولي. وسيحقق بإذن الله تعالى الأهداف المنشودة، سواء من حيث مستوى الخدمات التي يقدمها للمسافرين عبره، أو من حيث استيعاب الزيادة المضطردة والمتوقعة في حجم الحركة الجوية المستقبلية، وعلى النحو الذي يليق بالبوابة الجوية لعاصمة المملكة العربية السعودية. * مساعد رئيس الهيئة العامة للطيران المدني للمطارات