هذا هو انطباعي الأول الذي خرجت به بعد حضوري اليوم الأول من أيام معرض جدة للكتاب والذي غاب بصفته المحلية عن تلك المدينة الأنيقة لسنوات ليعود هذا العام وقد اكتسب صفته الدولية. إضافة إلى عرض الافتتاح المبهر، تدشن المعرض بوسم "نعم يرضينا" رداً على اعتراض بعض المحتسبين على مشاركة الشاعرة أشجان هندي في أمسية شعرية من أمسيات جدول الفعاليات، ثم انتهى بخبر عن منع الشاعرة هند المطيري من أي أنشطة ثقافية مقبلة في جدة على إثر اعتراض البعض على قصيدة لها في أمسية أخرى! ومن الواضح أن هاتين الحادثتين ساهمتا برفع مستوى الوعي بحرية الكلمة، بغض النظر عن موقفنا منها. سعدت جدا لكوني من ضيوف النسخة الأولى لمعرض بصيغته الدولية، وسعدت أكثر أن أصبح لجدة وأهلها معرض دوليا للكتاب، ومعرض جدة ومنذ عرض الافتتاح الذي مزج بين الحضارات الإنسانية كلها في فكرة بسيطة وجميلة، بدا معرضا ناجحا وضخما بكل المقاييس، وقد تكرس نجاحه بذلك الإقبال الكبير جدا على زيارته من قبل أهل جدة وما جاورها من المدن والمناطق السعودية الأخرى، بل إنني صادفت بعض الخليجيين الذين قدموا من بلادهم لهذا الهدف وآخرين استغلوا وجودهم في مكة بغرض أداء العمرة لزيارة جدة في أيام معرضها تحديدا. ورغم أن المنظمين بذلوا جهدا كبيرا في التنظيم خلال أسابيع قليلة إلا أن هذا لم يمنع بعض السلبيات التنظيمية، التي تتعلق بطريقة تصميم مقر المعرض ومرافقه وجدول فعالياته، من الإطلال برأسها من بين أرفف الكتب ومقاعد الفعاليات المصاحبة، لكن يبدو أن الجميع ارتاح لفكرة غض النظر عنها مادامت هذه هي التجربة الأولى.. وللتجارب الأولى بعض الخصوصية دائما،خاصة وأن المعرض نجح كثيرا في خلق زخم ثقافي هائل خلال نسخته الأولى بشكل فاق توقعات حتى المنظمين ، ولعل الزخم الجماهيري هو المكسب الأول الذي ينبغي ان يستثمره القائمون على المعرض في الدورات المقبلة باذن الله إتكاء على روح الانفتاح التي سادت الاجواء بالرغم من الحوادث القليلة التي نستطيع تجييرها كتعددية في الآراء إن لم تتجاوز الحدود. ويبقى العنصر الاهم بالنسبة لي عادة وهو الرقابة، وفي ظل عدم وجود معلومات موثقة ودقيقة عن عدد الكتب الممنوعة في المعرض لا نستطيع التحدث بحرية كبيرة وان كنت احزن عموما عندما اسمع بمنع اي كتاب من اي معرض وقد سمعت فعلا عن منع كثير من الكتب في معرض جدة للأسف! بقي أن أهنئ جدة وأهلها والمملكة العربية ككل بهذا المعرض الحميم والدافيء، متمنية أن تعمم هذه التجربة على مناطق أخرى في المملكة خاصة بالنظر الى بعد المسافات بين مناطقها ومدنها، فيكون في الشرقية معرض وفي الجنوب آخر بالإضافة إلى معرضي جدة والرياض، ذلك أن السعودي أصبح في السنوات الأخيرة رقما صعبا يعمل له الناشرون العرب حسابات كثيرة وهي حسابات ينبغي أن يوليها أهلها ما تستحق من اهتمام أولاً وأنا متأكدة أنهم سيفعلون.