قوة صناعية ومنصة عالمية    اقتناص الفرص    مواعيد إقلاع الطائرات.. «سافر .. ما سافر» !    «الأونروا» لا تزال تعمل في غزة والضفة الغربية رغم الحظر الإسرائيلي    قوة التأثير    الغامدي ينضم الى صفوف نيوم على سبيل الاعارة    الخليج يعلن التعاقد مع النمساوي توماس مورغ    النصر يبدع في القصيم    دمبلينغ ينتصر على دا كريزي في "Power Slap" ويهيمن على الوزن الثقيل جداً    نيوم يعير آل سعد الى دانكيرك الفرنسي    مقومات الانتصار والهزيمة    خاصرة عين زبيدة    نيابة عن أمير قطر.. محمد آل ثاني يقدم العزاء في وفاة محمد بن فهد    «الروبوتات» والأرحام الاصطناعية.. بين الواقع والخطر!    لماذا صعد اليمين المتطرف بكل العالم..!    السفراء وتعزيز علاقات الشعوب    سكالوني: ميسي يتطلع للمشاركة في كأس العالم 2026    حوكمة لوائح اختيار رؤساء الأندية    المطوع ل «عكاظ»: لن أترك «هوساوي» للنصر    التراث الذي يحكمنا    إحباط تهريب 2.9 كجم "حشيش" و1945 قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي في تبوك    «الأونروا» تعلن نقل موظفيها خارج القدس المحتلة بسبب قرارات إسرائيل    مصحف «تبيان للصم» وسامي المغلوث يفوزان بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود    شراكات جديدة بين هيئة العلا ومؤسسات إيطالية رائدة    تتيح لهم حضور الجلسات القضائية بالصوت والصورة.. «العدل» تُطلق مبادرة خدمات السجناء    ليندو السعودية تحصل على 690 مليون دولار أمريكي من جيه بي مورغان    استشاري طب نفسي: 10% من مشاهر شبكات التواصل مصابين بالانفصام    تجمع القصيم الصحي يفوز بأربع جوائز في ملتقى نموذج الرعاية الصحية السعودي 2025    "مفوض الإفتاء بمنطقة حائل":يلقي عدة محاضرات ولقاءات لمنسوبي وزارة الدفاع    مستشفى خميس مشيط للولادة والأطفال يُنظّم مبادرة " تمكين المرض"    وزارة الشؤون الإسلامية تقيم يومًا مفتوحًا للمستضافين في برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة    الديوان الملكي: وفاة الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود    مسجلا أعلى نمو خلال عامين ..الناتج المحلي السعودي ينمو بنسبة 4.4% في الربع الرابع لعام 2024    الأرصاد: سحب رعدية ممطرة على مرتفعات مكة والجنوب وأمطار خفيفة بالرياض والشرقية    المفتي للطلاب: احذروا الخوض في منصات التواصل وتسلحوا بالعلم    سيراً على الأقدام .. المستكشفة «موريسون» تصل العلا    لأول مرة.. إطلاق التقويم المدرسي برياض الأطفال والطفولة المبكرة والتربية الخاصة    «بينالي الفنون» يُثري زواره بكنوز الحضارة الإسلامية    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال (15) إلى سوريا    البهكلي والغامدي يزفان "مصعب" لعش الزوجية    عشر سنبلات خضر زاهيات    في إجتماع "المؤتمر الدولي" .. وزير الموارد البشرية: المملكة تسعى لتصبح مركزا رئيسياً لاستشراف مستقبل أسواق العمل    تعزيز العلاقات البرلمانية مع اليابان    وسط حضور فنانين وإعلاميين .. الصيرفي يحتفل بزواج نجله عبدالعزيز    المسلسل مستمر    مختبر تاريخنا الوطني    غداً.. محمد عبده يُجسد فلسفة الخلود الفني على مسرحه في الرياض    حسام بن سعود يستعرض مشروعات المندق    أمير حائل يناقش خطط القيادات الأمنية    خطورة الاستهانة بالقليل    الإرجاف فِكْر بغيض    شخصية الصرصور    «السياحة الثقافية».. عندما تصبح الفنون جواز السفر    إطلاق حملة للتبرع بالدم في الكورنيش الشمالي بجازان    الشيخوخة إرث وحكمة    انطلاق مؤتمر السكري والسمنة في جدة «5 فبراير»    أهالي الشرقية ينعون الأمير محمد بن فهد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكرالمسلم مالك بن نبي
ربيع الحرف
نشر في الرياض يوم 27 - 11 - 2005

في هذا العصر الذي يسمى عصر العولمة أو العالمية كما كان مالك بن نبي يطلق عليه، فرض على المسلم تحديات متنوعة، تستهدف العمق الاستراتيجي للأمة الذي هو الشباب باعتباره القلب النابض والطاقة الكامنة والحامل المستقبلي للتغيير وإعادة بناء الأمة.. كما جاء في دراسة للأستاذ بدران بن الحسن عن رؤية مالك بن نبي لدور الشباب المسلم في عصر العولمة التي ءوضح فيها مساهمة مالك في علاج هذه المسألة من خلال نظريته في البناء الحضاري للأمة وحل أزمتها التي هي - كما سبق أن أوضحت - في عمقها أزمة حضارية شاملة تقتضي عدم التجزيء سواء في معرفة الأسباب أو التحليل أو إيجاد الحلول.
وقد ناقش مالك ما يطلق عليه الآن عصر العولمة بقوله: (إن العالمية في مجراها هي ظاهرة القرن العشرين وهي في واقعها المادي نتاج رائع لمقدرة الإنسان وللمستوى الجديد الذي رفعت إليه هذه المقدرة ألوان نشاطه حتى أصبحت العالمية غريزة القرن العشرين ومعناه). يقول مالك: هذه الصبغة العالمية تبدو وكأنها تقود الإنسانية نحو قطب يتحقق فيه معنى الآية: {وهو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون}.
هذه العالمية في مفهوم مالك قانون تاريخي وسنة من سنن التاريخ تسير إليها البشرية أسست لها الرسالة الخاتمة وتحقق الكثير منها بفعل حركة التاريخ وسنصل إلى مرحلة الإظهار، إظهار الإسلام على الدين كله، التي أشارت إليها الآية الكريمة المذكورة سابقاً. وهذا القانون التاريخي يحتاج إلى وعي لطبيعته ليتمكن الشباب المسلم من ممارسة دوره التاريخي الرسالي، فالمسلم ملزم بأن ينظر إلى الأشياء من زاويتها الإنسانية الرحبة حتى يدرك دوره الخاص ودور ثقافته في هذا الإطار العالمي..
ويرى مالك أن أهم ما يميز عصر العالمية أربع خصائص هي: وحدة المصير الإنساني، وهيمنة النموذج الغربي، والإفلاس الذي تعانيه الأديان الأخرى، وعالمية الأزمة الحضارية.
في ظل هذا العصر المطبوع بالعالمية على مستواه العلمي والسياسي والاجتماعي والحضاري وفي ظل ما يواجهنا كمسلمين من تحديات يطرحها هذا العصر ما هو دور الشباب المسلم؟!
إن من أهم الركائز التي أولاها مالك بن نبي اهتمامه هي الوعي بالذات الإسلامية، والوعي بخارطة الواقع الحضاري، وتكامل الأصالة والفعالية، ودخول التاريخ من باب الواجب، وتقديم نموذج عملي للإسلام مثلما كان عليه عهد السلف الصالح.
فالوعي بالذات الإسلامية كما يراه مالك واستعرضه الأستاذ بدران بن الحسن، أمر ضروري ومهم ودونه لا يمكن حل مشكلاتنا ولا أن نبلغ الهداية للآخرين ورسالتنا في عصر العالمية تتحدد بمدى فهمنا وتمثلنا للقيم الإسلامية ولا يمكن أن نحقق التغيير المطلوب إذا لم نرتفع إلى مستوى الإسلام. والوعي بالذات الإسلامية يعني أن يتمثل الفرد المسلم (الشاب) والمجموع المثل الإسلامية ويعيشها وأن تصبح صبغة لمفردات الحياة اليومية للمسلم وليس فقط التلفظ بعبارات التوحيد والتوكل والرضا والاتقان للأعمال.. وغيرها. ثم إن مواجهة أي غزو فكري تتطلب هذا الوعي بالذات حتى يميز المسلم بين تفوق ذاته الإسلامية وقصور مصدر هذا الغزو وبالتالي تحقيق الحصانة من الغزو والقضاء على عنصر القابلية للاستضعاف والغزو. فقبل أن نواجه الغزو الفكري لابد من بناء شخصياتنا وتحصين أنفسنا لنصبح ممنوعين من تأثير الغزو وليس عندنا قابلية له.. وكي يتم هذا لابد من أن نبني شخصيتنا بحيث تكون مصبوغة بصبغة الإسلام وموسومة بسمة الإيمان.
أيضاً لابد من الوعي بخارطة الواقع الحضاري، فالخريطة الحضارية للمجتمع الإنساني المعاصر تتشكل من حضارات وكل حضارة تعبر عن نموذج حياتي متميز عن غيره وفهم الحضارة مقرون بوعي مذهبيتها ونظامها الفكري ومشروعها الاجتماعي ومنهجيتها المعرفية التطبيقية ولم يعد من المستساغ علمياً وواقعياً الغفلة عن ما يجري من حولنا في القرية العالمية وإلاّ فإن وعينا سيصيبه الضمور ونجهل المعالم التي تتحرك على منحاها أحداث التاريخ، فالمستوى الشخصي للمسلم حتى ولو نما نمواً نسبياً يمكن أن يبدو في حالة تضاؤل بقدر ما ينمو تطور الآخرين بسرعة أكثر. ويربط مالك بين تطور ونضج الوعي باتساع دائرة الاهتمام التي يوليها كل منا اهتمامه ويمثل لذلك بدوائر متعاقبة وذلك عند حديثه عن تجربة الوحدة الإسلامية بالنسبة لفرد من الجزائر ودوائر وعيه المتعاقبة من الجزائر إلى العالم العربي إلى العالم الإسلامي وصولاً إلى الدائرة الإنسانية. فيقول في مؤلفه (فكرة كمنولث إسلامي): (بقدر ما يعي فيه الفرد المولود في الدائرة رقم (1) والدائرة رقم (2) أعني مشاكل العالم العربي واتجاهاته وآماله، بقدر ما يكتمل وعيه بذاته وينمو مستواه الشخصي، وبقدر ما يتخطى دائرة داخلية إلى أخرى خارجية بقدر ما ينمو عالم أفكاره، وعندما يبلغ وعيه الاكتمال المتطابق مع الدائرة العالمية يكون مستواه الشخصي قد بلغ أقصى اكتماله بحيث ينبت حضوره في سائر أجزاء المعمورة». ولهذا فهو يرى أن الاهتمام بالآخرين يفرضه المنطق الإنساني وتحتمه التداخلات بين الشعوب والأمم.
٭٭ إن دور الشباب المسلم في عصر العالمية دور مهم وصعب ولا يمكن الحديث عنه بالشكل الأدبي أو النظري البحت مهما كان هذا التنظير عميقاً وشاملاً وحتى يؤدي الشباب المسلم دوره لابد من تكاتف جميع الأجهزة على إعداده بما في ذلك المنظومة التربوية والإطار الاجتماعي والحكومات في المجتمعات الإسلامية.
فالمنظومة التربوية حتى تحقق أهدافها لا بد أن تركز في بناء الإنسان الذي هو محور البناء ومرتكز أي انجاز ولتحقيق بناء الإنسان الذي سيظهر الإسلام على الدين كله لابد من تزويده بالقيم الثابتة والرؤية الواضحة والأداة الفعالة. فالرؤية الواضحة هي الرؤية القائمة على التوحيد الخالص لله عز وجل والتوحيد المطلوب هو الذي يربط الإنسان بالله ربطاً مستمراً فينطبع في تعامله مع نفسه ومع الإنسانية ومع الكون كله فيستحضر أنه عبد لله وأما القيم الثابتة فهي التي تحفظ خط سير الإنسان من أن لا ينحرف أي نعلم الشباب أنه مستخلف في هذه الأرض وأنه يحمل أمانة الهداية ومكلف بعمارة الأرض وفق هداية الوحدة. وأما الفعالية فهي العودة إلى المنطق العملي الذي جاء به الإسلام من خلال ربط العلم بالعمل وتحقيق القدرة ومداومة التحرك بين حدي الرجاء والخوف وهذان الحدان هما اللذان يضبطان حركة المسلم فلا يقع في الإفراط أو التفريط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.