أصواتها هادرة تلك الصهاريج الضخمة التي تمخر الأحياء صبح مساء، آتية بالماء المفقود الذي شحت الصنابير بقطراته، وتوقفت الشبكة بتدفقه، فأصبحت الوايتات هي المنقذ، وهي السبيل إلى الارتواء. وعلى الرغم من أن وجود الصهاريج بتلك الكثافة في أغلب أحياء مدينة كالرياض ينبئ عن خلل كبير في سياسة تزويد الأحياء الماء، إلا أنا باتت مألوفة للسكان بشكل دائم، فاليوم الذي لا تسمع فيه أصوات تلك الصهاريج في الحي يعد يوماً استثنائياً لسكانه، فمنذ زمن ليس بالقرب وانقطاع المياه عن منازل السكان أمراً مزمناً منذ مرحلة مصلحة المياه إلى شركة المياه لم يتغير شيئاً في مسألة الانقطاع شبه الدائم عن أحياء كثيرة في العاصمة الرياض. وعلى الرغم من أن الأحياء قد تعطش جرءا انفجار خط مياه يُغرق طرفها الآخر، إلا أن أغلب الانقطاعات الحالية لا يعرف لها سبباً، فقد تجد مربعاً سكنياً يشرب أهله ويتنعمون بينما المربع الملاصق له يعطش أهله ويهرعون إلى الصهاريج التي تسلب ما بالجيوب في سبيل قطرة الماء العزيزة. والأمر المؤلم بالنسبة للسكان العطشى أن الانقطاعات المزمنة للمياه هي في خدمة مدفوعة القيمة وليست مجانية ، وفي الغالب لا يرافق تلك الانقطاعات التي قد تستمر لأسبوع أ أكثر أي تعويضات تذكر ، فحتى الصهاريج المجانية التي كانت الشركة تقدمها لمن انقطعت عنه المياه لم تعد متاحة كما كانت من قبل، فتحيل الشركة طلب المواطن الذي يعاني بيته قحط الماء إلى الصيانة التي تقرر استحقاقه للماء من عدمه ، وغالباً يتحمل المواطن ثمن ذلك الصهريج. الصهريج المجاني لم يعد متاحاً في الغالب