يعد غرس الأفكار الإجرامية لدى الشباب والمراهقين، أو ممن لم تخدمهم التجارب والمعايشة، أو الذين لديهم حالات وأزمات نفسية، من أسهل وأقصر الطرق إلى استغلال هؤلاء المستهدفين لتحقيق الأغراض السيئة بالرغم من فداحتها وسوئها، وما نراه اليوم من ضخ وترويج لمقاطع تحمل صوراً للقتل والتعذيب واستباحة الدماء بحق الأبرياء بدم بارد يمثل نوعاً من الغزو الفكري الموجه نحو هذه الشريحة التي يراد منها أن تكون الأداة الرخيصة لاستكمال هذه الصور من مشاهد القتل والتعذيب الجسدي والنفسي، وإن تعدى ذلك ليكون بحق أهلهم وذويهم ومجتمعهم، وقد أصبحت برامج التواصل الاجتماعي الإلكترونية بكل أنواعها تمثل وسيلة لضخ هذه الحزم المتعددة من مشاهد ومقاطع القتل، معززة بصور من ملامح البطولة الشخصية المفبركة لمن يمارس القتل والذبح مقرونة ببعض الأناشيد التي يتغنى بها أرباب هذه الفكر ممن يدّعون صفة الجهادية وكأن عملية القتل لهؤلاء المستهدفين من رجال الأمن أو المصلين لا تعدو أن تكون كرحلة صيد لقطعان من الحيوانات التي لا تستحق الحياة وهو ما يمثل ذروة الاستخفاف في استباحة الدماء. ويأتي العمل على تكريس وتعزيز تقبل مثل هذه الصور وهذه المشاهد الدامية في وقت مبكر لتعويد أطفالنا في خطوة استباقية على استخدام ذلك النوع من الالعاب الإلكترونية التي تصور مشاهد من الحروب ليكون الطفل او الشاب المراهق عبر تلك الأجهزة الإلكترونية هو من يقود تلك المعركة الوهمية ويفرح بانتصاراته وقتل الأعداء الافتراضيين، ومن هنا بدأ التدرج في الضخ والترويج لاستباحة القتل التي يراد تعميقها وتهوينها في عقول هؤلاء الشباب المستهدفين لتنفيذ تلك المهام ويدعم ذلك مجموعة من المرغبات من خلال محاكاة النفس بما تميل إليه من صور البطولة، وهذا الأسلوب بدأت تستخدمه المنظمات الإرهابية اليوم لتنفيذ أهدافها عبر أولائك الذين يسهل استمالة عقولهم وعواطفهم لتنفيذ جرائم القتل والترويع. مسؤولية الأسرة وتعليقا على ذلك قال أحمد السليم مدير دار التربية الاجتماعية للبنين ببريدة: إن المتأمل لما تبثه المجموعات الارهابية من مقاطع مصورة يدرك حجم الخطر الذي يتعرض له أحداث السن وفئة الشباب من خلال كثرة التعريض لمشاهد القتل ومناظر الدماء وهو ما يؤثر بمرور الوقت على هذه الفئة من خلال الاستهانة بالنفس وقيمة الانسان واستساغة القتل، وفي مثل هذه الحالات ينبغي أن تتضاعف مسؤولية الأسرة في بيان حرمة الدم والعمل على عدم تعرض أفراد الاسرة خاصة الصغار لمثل هذه المشاهد التي يروج لها بطريقة متقنة لهدم وزعزعة البناء النفسي للأفراد ويتولى رب الاسرة مسؤوليته في توضيح ما يجري من أحداث لأبنائه لعمل التحصين الداخلي ضد مثل هذه المحاولات التي تهدف لإضعاف فئة الشباب والزج بهم في مزالق الفتن، كما ينبغي التحذير من تناقل وتداول مثل هذه المشاهد وليبدأ الفرد بنفسه وأسرته وليكن صخرة صلبة تتكسر عليها هذه المحاولات البائسة خدمةً لدينةً وحمايةً لمجتمعه. التنظيم المتطرف يستسهل الجريمة في عقول الأطفال والألعاب الإلكترونية تكمل الناقص! مواجهة التحديات وأشار إلى أن الهزيمة النفسية هي من أقسى الهزائم ومن يتعرض لها يصعب أن يتجاوزها بسهولة، ومجتمعنا وبلادنا بفضل الله تملك كل مقومات الاعتزاز والثقة والبناء الداخلي وقوة النسيج الاجتماعي المتماسك ووحدة التاريخ والمستقبل ما يجعله بفضل الله قادرٌ على مواجهة هذه التحديات بعقول ابنائه وتكاتفهم ووحدة الصف وعدم الانسياق وراء الدعاوي المضللة التي تسعى لدق اسفين الفرقة والخلاف من خلال استغلال المواقف والتحريض وتضخيم الاحداث والأخطاء التي تحدث في المجتمع او من الجهات الرسمية وجعلها سبباً لفرقة المجتمع وانقسامه، وقال: إن الوطن بحاجة لأبنائه ليكون يداً واحدة ضد من يحاول العبث بأمنه واستقراره، فآباؤنا كافحوا وتحدوا الفقر والصعاب لإيجاد وطن آمن، ونحن بدورنا يجب ان نسعى بجهد للمحافظة على بلادنا لمستقبل أجيالنا. تداول مقاطع القتل وقال محمد ابن الشيخ - باحث في الشوؤن الوطنية والاجتماعية- إن انتشار المقاطع الدموية بين الاطفال والشباب له ابعاد إستراتيجية كنا سابقا نحن من يشتريها عبر أشرطة الالعاب للأطفال وكنا نعي بخطورتها والكثير مع الاسف يجهل انها ضربة استباقية، لطبع الصور الذهنية في نفوس الاطفال عبر هذه التقنية فأصبح الطفل يتحدث مع اخته أو أخيه انه قتل العصابة جميعا وأصبح البطل في النهاية ومع مرور الوقت اصبحت المقاطع التي تبث للتنظيمات القتالية في العراق والشام وقبلها كانت تعرض في الشيشان أصبحت تتداول بشكل طبيعي وأصبح الجميع يشاهدها ولا تهز في كيانه شيئا بعد ان كنا سابقا نشمئز من هذه المشاهد الدموية والعبرة في هذا اننا نحن من ادخل هذا النوع من الجريمة الفكرية في بيوتنا بغير قصد ولم نكن نعي بقادم الايام أن الدافع الحقيقي لنشر هذه المشاهد الدموية هو إماتة الضمير الحي للمسلم الذي وصم بالخير والسلام، واصبحت المشاهد الدموية الآن صفة للمسلم وهو ما خطط له من خلال الافلام التي دخلت البيوت من طريق التسلية والمرح ليخرج لنا جيل لا يعترف بالسكينة وإنما ردة فعله هو الدم والقتل. المرحلة الأخطر وأضاف ابن الشيخ قائلاً: إن فترات المراهقة للشباب اليافعين من أخطر المرحلة العمرية التي يستدرج فيها شباب الوطن للفكر المنحرف، وأن طرق التقويم تشارك فيها المدارس والمساجد والجامعات والأسرة قبل كل هؤلاء، وأن استهداف فئة الشباب من المراهقين بات ظاهرة واضحة من أعضاء التنظيمات الإرهابية لأن هؤلاء المجرمين يعلمون جيدا أن هذه الفترة هي مرحلة التكوين والتشكيل، فيما يلاحظ ابتعاد الأبناء عن الآباء في تلك الفترة، مبينا أن على أولياء الأمور متابعة أبنائهم، حيث أصبح تجنيد الإرهابيين للشباب عن بعد أسرع وأسهل، ولا تخلو اغلب البيوت من هذه المشاهد بسبب سهولة التواصل عبر التقنية وضعف المراقبة وقلة الوعي، وربما كانت هناك مسببات إضافية في هذا الشأن وهو انشغال الاباء عن ابنائهم وكذلك الامهات فأصبح الهم الآن في الاسرة هو سبل العيش، وترك تربية النشىء الذي اصبح في فخ الفكر المتطرف او التعاطف معه، وقال ابن الشيخ: اننا نعاني كثيرا من هذا المد الفكري منذ1400 ه في حادثة الحرم مرورا بالجهاد الافغاني والتحاق الشباب في ذلك الوقت هناك، اضافة الى حروب البلقان وأخيراً حرب العراق، والقتال في سوريا كل هذه الاحدث مع التساهل الرقابي من قبل الاسرة وكذلك هجوم التقنية وعدم الوعي بخطورتها وكذلك الزخم الاعلامي من قبل الشاحنين لنفوس الشباب بهذا الفكر الارهابي الدموي أو في أقل أحواله التعاطف معهم وتأيديهم عبر مواقع التواصل والتعزيز لهم. مراقبة الأبناء وأشار إلى أن من العادات التي يبدأ بها الفتى اليافع محاولة إيجاد عنصر قريب منه واتخاذه مثالا له، ومن الأعمال التي يجب الانتباه لها انخراط الأبناء في الأنشطة التي تدعو للفكر المنحرف في صور مغلفة وخادعة، وعلى الآباء الاستمرار بالمراقبة وتوجيه النصح باستمرار، ومحاولة إعطاء الابن فرصة لإبداء الرأي وتقبل النقد والشخص الآخر وعدم معاداته عند الخطأ والعفو عنه من دون السكوت على أي أخطاء ينتهجها قد تضر بابنه مستقبلا، ويحاول التعامل مع ابنه الذي يحاول الاستقلالية بأسلوب هادئ ومحترم، مؤكداً أن الدوافع لترويج هذه المقاطع هو رفع نسب المشاهدة، ودفع المنطقة للتفجير الذاتى، ونشر الخلافات الاستفزازية الدموية بين دول المنطقة، ليكون رد الدم بالدم، في حرب طويلة، لا نعرف فيها الأعداء من الأصدقاء، ولا الأكاذيب من الحقائق. حملات مشبوهة من جانبه قال هاني المشيقح مدير التوجيه والإرشاد بجامعة القصيم من المؤسف أن نجد وفي ظل الأحداث التي تعصف بالعالم العربي فئة من المجتمع تتقبل كل ما يطرح من شائعات وتسييس للرأي العام وفي شريعتنا مأمورون بالتثبت من المعلومة التي تمس مسلم بأذى فكيف بوطن، وبقدر الحزن والفاجعة التي عمت أرجاء الوطن لحظة إعلان خبر التفجير في أحد جوامع المنطقة الشرقية في يوم الجمعة إلا أننا لمسنا وعي الناس بخطورة ما تبثه بعض العقول المعطلة من إرهاب يزرع في نفوس بعض المرضى، وإجرام بلا هوية ولا هدف، والخطورة تكمن في تضليل المندفعين باسم الدين وإطلاق الأحكام الشرعية جزافاً متبوعا بآيات وأحاديث تبث في مقاطع بشعة تهدف نفسيا إلى اقتران هذا المشهد بالجهاد، وبالتالي نجد في مواقع التواصل الاجتماعي حملات مشبوهة مكثفة لترسيخ مبدأ التكفير والقتل. شبابنا هم الضحية وأضاف قائلاً: لاشك أن تلك الحملات قد تجد صداها لدى بعض المراهقين والذين كانوا أداة لخطة دنيئة أراد بها أرباب الفكر الضال تفريق المجتمع وانقسامه لكنهم ودون أن يشعروا أثبتوا للجميع وأمام العالم أنهم بعيدون كل البعد عن الإسلام في أعمالهم وتصرفاتهم وما زاد المجتمع إلا لحمة وشبابنا هم الضحية الأكبر في تلك الحملات المنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعية فقد أصبح على مأساة ينفذها متطرف من هذا الطرف وأمسى على مأساة ينفذها متطرف من ذاك الطرف، ومع كثرة المساس يموت الإحساس، وتهون النفس التي عظم الله حقها فليس إرهابياً ذلك الذي نفذ هذا العمل المشين لأنه لم يرهب إلا نفسه التي أجرم بحقها وحق والديه وذويه بعد أن سلم نفسه لعصابة لا يعرف منهجها ولا عقيدتها ولا مصدرها وكل ما يعرفه أنهم أوهموه بأن هذا جهاد، فبطلت حيلتهم وانكشف سرهم واسودت وجوههم فلا مجال للتستر بعد ذلك بذلك القناع على وجوههم الغادرة، ورأينا بعد الحادثة اجماع العقلاء أن الأمن هو مسؤولية الجميع، الكبير والصغير والمتعلم لأن أعظم مسؤولية تبدأ داخل البيت ثم الاجتماع تحت راية التوحيد ونبذ الخلافات المكانية والعنصرية. عناصر داعش تعمل على توثيق مقاطع القتل ونشرها على نطاق واسع بين الشباب والأطفال الألعاب الإلكترونية تعوّد الطفل على القتل بأسلوب تشويقي كثير من الألعاب تدخل الطفل في عالم الحروب والانتقام أحمد السليم محمد بن الشيخ هاني المشيقح